كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الأبيرد ونسبه

صفحة 94 - الجزء 13

  قصيدة الصوت

  والقصيدة الَّتي رثى بها الأبيرد أخاه بريدا وفي أوّلها الغناء المذكور، من جيد الشعر، ومختار المراثي، المختار منها قوله:

  تطاول ليلي لم أنمه تقلَّبا ... كأنّ فراشي حال من دونه الجمر

  أراقب من ليل التّمام نجومه ... لدن غاب قرن الشّمس حتّى بدا الفجر⁣(⁣١)

  تذكرت قرما بان منّا بنصره ... ونائله يا حبّذا ذلك الذّكر⁣(⁣٢)

  فإن تكن الأيام فرّقن بيننا ... فقد عذرتنا في صحابتنا العذر⁣(⁣٣)

  وكنت أرى هجرا فراقك ساعة ... ألا لا بل الموت التّفرّق والهجر

  أحقّا عباد اللَّه أن لست لاقيا ... بريدا طوال الدهر ما لألأ العفر⁣(⁣٤)

  فتى إن هو استغنى تخرّق في الغنى ... فإن قلّ مالا لم يؤد متنه الفقر⁣(⁣٥)

  وسامى جسيمات الأمور فنالها ... على العسر حتى أدرك العسر اليسر⁣(⁣٦)

  ترى القوم في العزّاء ينتظرونه ... إذا ضلّ رأي القوم أو حزب الأمر⁣(⁣٧)

  فليتك كنت الحي في الناس باقيا ... وكنت أنا الميت الَّذي غيب القبر⁣(⁣٨)

  فتى يشتري حسن الثناء بماله ... إذا السّنة الشهباء قلّ بها القطر⁣(⁣٩)

  / كأن لم يصاحبنا بريد بغبطة ... ولم يأتنا يوما بأخباره السّفر

  لعمري لنعم المرء عالي نعيّه ... لنا ابن عزيز بعد ما قصر العصر⁣(⁣١٠)

  تمضّت به الأخبار حتى تغلغلت ... ولم تثنه الأطباع دوني ولا الجدر⁣(⁣١١)

  ولما نعى الناعي بريدا تغوّلت ... بي الأرض فرط الحزن وانقطع الظهر⁣(⁣١٢)

  عساكر تغشى النفس حتى كأنني ... أخو سكرة طارت بهامته الخمر⁣(⁣١٣)

  إلى اللَّه أشكو في بريد مصيبتي ... وبثّي وأحزانا تضمّنها الصدر


(١) لدن: منذ.

(٢) القرم في الأصل: الفحل، وهو السيد. بان من البين: وهو البعد. والذكر بضم الذال: التذكر.

(٣) العذر، بإسكان الذال وأصلها الضم: جمع عذير، كسرير وسرر. والعذير: العاذر. ومثله قول حاتم:

أماوى قد طال التجنب والهجر ... وقد عذرتني في طلابكم العذر

(٤) لألأ العفر: حركت الظباء أذنابها.

(٥) تخرق: صار متلافا.

(٦) سامى: بارى فنالها بعد الامتناع.

(٧) العزاء مأخوذة من العزاز، وهو الأرض الصلبة الصعبة، وانتقلت مجازا إلى الشدّة.

(٨) روى «ثاويا» في ج.

(٩) الشهباء: السنة الشديدة. ويقال أشهبت السنة القوم: جردت أموالهم.

(١٠) عالي: رفع الصوت به. والنعيّ: خبر الموت. ابن عزيز، هو في «أمالي القالي» (٣: ٣): «ابن عرين».

(١١) في الأصول: «ولا بينها الأصباح»، صوابه من «الأمالي القالي» والأطباع: جمع طبع، وهو النهر.

(١٢) تغوّلت: كادت تميد بي.

(١٣) العساكر: الشدائد، في ح «مالت» بدل «طارت» وفي «الأمالي»: «دارت».