أخبار الأبيرد ونسبه
  قصيدة الصوت
  والقصيدة الَّتي رثى بها الأبيرد أخاه بريدا وفي أوّلها الغناء المذكور، من جيد الشعر، ومختار المراثي، المختار منها قوله:
  تطاول ليلي لم أنمه تقلَّبا ... كأنّ فراشي حال من دونه الجمر
  أراقب من ليل التّمام نجومه ... لدن غاب قرن الشّمس حتّى بدا الفجر(١)
  تذكرت قرما بان منّا بنصره ... ونائله يا حبّذا ذلك الذّكر(٢)
  فإن تكن الأيام فرّقن بيننا ... فقد عذرتنا في صحابتنا العذر(٣)
  وكنت أرى هجرا فراقك ساعة ... ألا لا بل الموت التّفرّق والهجر
  أحقّا عباد اللَّه أن لست لاقيا ... بريدا طوال الدهر ما لألأ العفر(٤)
  فتى إن هو استغنى تخرّق في الغنى ... فإن قلّ مالا لم يؤد متنه الفقر(٥)
  وسامى جسيمات الأمور فنالها ... على العسر حتى أدرك العسر اليسر(٦)
  ترى القوم في العزّاء ينتظرونه ... إذا ضلّ رأي القوم أو حزب الأمر(٧)
  فليتك كنت الحي في الناس باقيا ... وكنت أنا الميت الَّذي غيب القبر(٨)
  فتى يشتري حسن الثناء بماله ... إذا السّنة الشهباء قلّ بها القطر(٩)
  / كأن لم يصاحبنا بريد بغبطة ... ولم يأتنا يوما بأخباره السّفر
  لعمري لنعم المرء عالي نعيّه ... لنا ابن عزيز بعد ما قصر العصر(١٠)
  تمضّت به الأخبار حتى تغلغلت ... ولم تثنه الأطباع دوني ولا الجدر(١١)
  ولما نعى الناعي بريدا تغوّلت ... بي الأرض فرط الحزن وانقطع الظهر(١٢)
  عساكر تغشى النفس حتى كأنني ... أخو سكرة طارت بهامته الخمر(١٣)
  إلى اللَّه أشكو في بريد مصيبتي ... وبثّي وأحزانا تضمّنها الصدر
(١) لدن: منذ.
(٢) القرم في الأصل: الفحل، وهو السيد. بان من البين: وهو البعد. والذكر بضم الذال: التذكر.
(٣) العذر، بإسكان الذال وأصلها الضم: جمع عذير، كسرير وسرر. والعذير: العاذر. ومثله قول حاتم:
أماوى قد طال التجنب والهجر ... وقد عذرتني في طلابكم العذر
(٤) لألأ العفر: حركت الظباء أذنابها.
(٥) تخرق: صار متلافا.
(٦) سامى: بارى فنالها بعد الامتناع.
(٧) العزاء مأخوذة من العزاز، وهو الأرض الصلبة الصعبة، وانتقلت مجازا إلى الشدّة.
(٨) روى «ثاويا» في ج.
(٩) الشهباء: السنة الشديدة. ويقال أشهبت السنة القوم: جردت أموالهم.
(١٠) عالي: رفع الصوت به. والنعيّ: خبر الموت. ابن عزيز، هو في «أمالي القالي» (٣: ٣): «ابن عرين».
(١١) في الأصول: «ولا بينها الأصباح»، صوابه من «الأمالي القالي» والأطباع: جمع طبع، وهو النهر.
(١٢) تغوّلت: كادت تميد بي.
(١٣) العساكر: الشدائد، في ح «مالت» بدل «طارت» وفي «الأمالي»: «دارت».