أخبار الأبيرد ونسبه
  وقد كنت أستعفي إلهي إذا شكا ... من الأجر لي فيه وإن سرّني الأجر
  وما زال في عينيّ بعد غشاوة ... وسمعي عمّا كنت أسمعه وقر(١)
  على أنني أقنى الحياء واتّقي ... شماتة أعداء عيونهم خزر(٢)
  فحياك عنّي الليل والصبح إذ بدا ... وهوج من الأرواح غدوتها شهر(٣)
  سقى جدثا لو أستطيع سقيته ... بأود فروّاه الروافد والقطر(٤)
  ولا زال يرعى من بلاد ثوى بها ... نبات إذا صاب الربيع بها نضر(٥)
  حلفت برب الرافعين أكفّهم ... وربّ الهدايا حيث حلّ بها النحر
  ومجتمع الحجاج حيث توافقت ... رفاق من الآفاق تكبيرها جأر(٦)
  / يمين امرئ آلى وليس بكاذب ... وما في يمين قالها صادق وزر
  لئن كان أمسى ابن المعذّر قد ثوى ... بريد لنعم المرء غيّبه القبر
  / هو الخلف المعروف والدين والتقى ... ومسعر حرب لا كهام ولا غمر(٧)
  أقام فنادى أهله فتحمّلوا ... وصرّمت الأسباب واختلط النّجر(٨)
  فتى كان يغلي اللحم نيئا ولحمه ... رخيص لجاديه إذا تنزل القدر(٩)
  فتى الحيّ والأضياف إن روّحتهم ... بليل وزاد السفر إن أرمل السّفر(١٠)
  إذا جارة حلَّت لديه وفى بها ... فآبت ولم يهتك لجارته ستر(١١)
  عفيف عن السوآت ما التبست به ... صليب فما يلفى لعود به كسر
  سلكت سبيل العالمين فما لهم ... وراء الَّذي لاقيت معدى ولا قصر(١٢)
  وكل امرئ يوما سيلقى حمامه ... وإن نأت الدعوى وطال به العمر
  وأبليت خيرا في الحياة وإنّما ... ثوابك عندي اليوم أن ينطق الشّعر
(١) الوقر: الصمم. وفي الأصول: «وسمعي كما قد أسمعه» صوابه من «الأمالي».
(٢) أقنى الحياء: يقال قنى الحياء قنوا كرضى ورمى: لزمه، كأقنى واقتنى وقني. الخزر: كسر العين خلقة، أو ضيقها.
(٣) الهوج: الشديدة. والأرواح جمع روح: الرياح العاصفة.
(٤) أود بفتح الهمزة وضمها: مكان.
(٥) ثوى: أطال الإقامة أو نزل.
(٦) في «الأمالي»: «تواقفت» بتقديم القاف.
(٧) في «الأمالي»: «هو المرء المعروف». مسعر حرب: مثيرها. والكهام البطيء عن النصرة والغمر: الَّذي لم يجرب الأمور.
(٨) ضرمت بالباء للمجهول: قطعت. يغلي اللحم: يشتريه غاليا، ويقال أيضا يغلى. قال الشاعر:
تغالي اللحم للأضياف نيئا ... وترخصه إذا نضج القدد
والنجر: الأصل.
(٩) الرخيص: أراد به المبذول. والجادي: طالت الجدوى. وهي العطاء.
(١٠) روحتهم: هبت عليهم. وزاد السفر: هو أن يقوم المرء بزاد المسافرين الذين لم يحضروا طعاما. والسفر بسكون الفاء، هم المسافرون. أرمل: نفذ زاده.
(١١) في «الأمالي»:
«وإن جارة حلت إليه وفى لها ... فباتت «
(١٢) معدى: مصرف أو مجاز. والقصر وردت في بعض الأصول «مضر» وهو تحريف، والتصويب عن «ذيل الأمالي» ص ٣.