كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار منصور النمري ونسبه

صفحة 100 - الجزء 13

  وإنك حين تبلغهم أذاة ... وإن ظلموا لمحزون الضمير⁣(⁣١)

  فقال له: صدقت، وإلا فعليّ وعليّ، وأمر له بثلاثين ألف درهم.

  مروان ينشد الرشيد

  أخبرني الحسن بن علي قال: حدّثنا يزيد بن محمّد المهلبي قال: حدّثني عبد الصمد بن المعذّل قال:

  / دخل مروان بن أبي حفصة وسلم الخاسر، ومنصور النمري على الرشيد، فأنشده مروان قصيدته الَّتي يقول فيها:

  أنّى يكون وليس ذاك بكائن ... لبني البنات وراثة الأعمام

  وأنشده سلم فقال:

  حضر الرّحيل وشدّت الأحداج⁣(⁣٢)

  وأنشده النمري قصيدته الَّتي يقول فيها:

  إن المكارم والمعروف أودية ... أحلَّك اللَّه منها حيث تجتمع

  الرشيد يميز شاعره الخاص عن سائر الشعراء

  فأمر لكلّ واحد منهم بمائة ألف درهم، فقال له يحيى بن خالد: يا أمير المؤمنين، مروان شاعرك خاصّة قد ألحقتهم به. قال: فليزد مروان عشرة آلاف.

  إعجاب الرشيد بشعر منصور

  أخبرني عمي قال: أخبرنا ابن أبي سعد قال: حدّثني عليّ بن الحسن الشيبانيّ قال: أخبرني أبو حاتم الطائيّ، عن يحيى بن ضبيئة الطائيّ، عن الفضل قال: حضرت الرشيد وقد دخل منصور النمريّ عليه فأنشده:

  ما تنقضي حسرة مني ولا جزع ... إذا ذكرت شبابا ليس يرتجع

  بان الشّباب وفاتتني بلذّته ... صروف دهر وأيام لها خدع

  ما كنت أو في شبابي كنه غرّته ... حتّى انقضى فإذا الدنيا له تبع

  قال: فتحرك الرشيد لذلك ثم قال: أحسن واللَّه، لا يتهنّأ أحد بعيش حتّى يخطر في رداء الشباب.

  أخبرني عمي قال: حدّثنا ابن سعد قال: حدّثنا محمّد بن عبد اللَّه بن آدم العبدي عن أبي ثابت العبديّ عن مروان بن أبي حفصة، قال: خرجنا مع الرشيد / إلى بلاد الروم، فظفر الرشيد، وقد كاد أن يعطب، لولا اللَّه ø ثم يزيد بن مزيد. فقال لي وللنّمري: أنشدا. فأنشدته قولي:

  طرقتك زائرة فحيّ خيالها ... غراء تخلط بالحياء دلالها⁣(⁣٣)

  ووصفت الرجال من الأسرى كيف أسلموا نساءهم، والظفر الَّذي رزقه، فقال: عدّوا قصيدته؛ فكانت مائة بيت، فأمر لي بمائة ألف درهم، ثم قال للنّمري: كيف رأيت فرسي فإني أنكرته؟ فقال النمريّ:


(١) ب، س: «اذاء» وصوابه ما أثبتنا من ش.

(٢) الأحداج: جمع حدج بالكسر، وهو المحفة كالهودج.

(٣) الغراء: البيضاء.