نسب عبد الله بن الحجاج وأخباره
  / قال: فدخل أحيح على الوليد بن عبد الملك، فقال يا أمير المؤمنين: إنّ عبد اللَّه بن الحجاج قد هجاك، قال: بما ذا؟ فأنشده قوله:
  فإن يعرض أبو العبّاس عنّي ... ويركب بي عروضا عن عروض
  ويجعل عرفه يوما لغيري ... ويبغضني فإنّي من بغيض
  فقال الوليد: وأيّ هجاء هذا! هو من بغيض إن أعرضت عنه، أو أقبلت عليه، أو أبغضته، ثم ماذا؟ فأنشده:
  كأني إذ فزعت إلى أحيح ... فزعت إلى مقوقية بيوض
  فضحك الوليد، ثم قال: ما أراه هجا غيرك. فلما خرج من عنده أحيح أمر بتخلية سبيل عبد اللَّه بن الحجاج، فأطلق. وكان الوليد إذا رأى أحيحا ذكر قول عبد اللَّه فيه فيضحك منه.
  هجاؤه لكثير بن شهاب بن الحصين
  حدّثنا أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، قال: حدّثنا عمر بن شبّة، قال: حدّثنا خلاد بن يزيد الأرقط عن سالم بن قتيبة. وحدّثني يعقوب بن القاسم الطلحي، قال: حدّثني غير واحد، منهم عبد الرحمن بن محمّد الطَّلحيّ، قال: حدّثني أحمد بن معاوية، قال: سمعت أبا علقمة الثقفيّ يحدث. قال أبو زيد(١): وفي حديث بعضهم ما ليس في حديث الآخر، وقد ألَّفت ذلك، قال:
  كان(٢) كثير بن شهاب بن الحصين بن ذي الغصّة بن يزيد بن شدّاد بن قنان بن سلمة بن وهب بن عبد اللَّه بن ربيعة بن الحارث بن كعب، على ثغر الرّيّ، ولَّاه إياه المغيرة بن شعبة إذ كان خليفة / معاوية على الكوفة، وكان عبد اللَّه بن / الحجاج معه، فأغار الناس على الدّيلم، فأصاب عبد اللَّه بن الحجاج رجلا منهم، فأخذ سلبه، فانتزعه منه كثير، وأمر بضربه، فضرب مائة سوط، وحبس، فقال عبد اللَّه في ذلك(٣)، وهو محبوس:
  تسائل سلمى عن أبيها صحابه ... وقد علقته من كثير حبائل(٤)
  فلا تسألي عنّي الرفاق فإنّه ... بأبهر لا غاز ولا هو قافل(٥)
  ألست ضربت الدّيلميّ أمامهم ... فجدّلته فيه سنان وعامل(٦)
  فمكث في الحبس مدة، ثم أخلي سبيله، فقال:
  سأترك ثغر الري ما كنت واليا ... عليه لأمر غالني وشجاني
  فإن أنا لم أدرك بثأري وأتّئر ... فلا تدعني للصّيد من غطفان(٧)
  تمنّيتني يا بن الحصين سفاهة ... ومالك بي يا بن الحصين يدان(٨)
  فإنّي زعيم أن أجللّ عاجلا ... بسيفي كفاحا هامة ابن قنان
(١) أبو زيد: كنية عمر بن شبة.
(٢) «كان»، ليس في الأصول، وأثبتناها لتستقيم العبارة.
(٣) «في ذلك»: ليست في ج.
(٤) الحبائل: جمع حبالة: المصيدة.
(٥) فلا تسألي، في ج «فإن». وأبهر: مدينة بين قزوين وزنجان.
(٦) جدلته: صرعته. والعامل من الرمح: صدره.
(٧) اتئر: أدرك ثأري، ومثله «اثئر» و «اثتئر». انظر «مقاييس اللغة» (ثأر). والصيد، جمع أصيد: وهو الملك.
(٨) في الأصول: «تميتنني».