كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب عبد الله بن الحجاج وأخباره

صفحة 116 - الجزء 13

  إنشاده عبد الملك أرجوزة يستعطفه بها

  قال: ولما وفد عبد اللَّه بن الحجاج إلى عبد الملك بسبب ما كان من ابنه عوين مثل بين يديه، فأنشده:

  /

  يا بن أبي العاصي ويا خير فتى ... أنت النجيب والخيار المصطفى

  أنت الَّذي لم تدع الأمر سدى ... حين كشفت الظَّلمات بالهدى

  ما زلت إن ناز على الأمر انتزى ... قضيته إن القضاء قد مضى⁣(⁣١)

  كما أذقت ابن سعيد إذ عصى ... وابن الزبير إذ تسمّى وطغى

  / وأنت إن عدّ قديم وبنى ... من عبد شمس في الشّماريخ العلى⁣(⁣٢)

  جيبت قريش عنكم جوب الرّحى ... هل أنت عاف عن طريد قد غوى⁣(⁣٣)

  أهوى على مهواة بئر فهوى ... رمى به جول إلى جول الرجا⁣(⁣٤)

  فتجبر اليوم به شيخا ذوى ... يعوي مع الذئب إذا الذئب عوى

  وإن أراد النوم لم يقض الكرى ... من هول ما لاقى وأهوال الردى

  يشكر ذاك ما نفت عين قذى ... نفسي وآبائي لك اليوم الفدا

  فأمر عبد الملك بتحمّل ما يلزم ابنه من غرم وعقل، وأمّنه.

  مغاضبته عبد العزيز بن مروان، ثم رجوعه إليه

  ونسخت من كتاب ثعلب عن ابن الأعرابيّ، قال:

  وفد عبد اللَّه بن الحجاج إلى عبد العزيز بن مروان ومدحه، فأجزل صلته، وأمره بأن يقيم عنده ففعل، فلما طال مقامه اشتاق إلى الكوفة وإلى أهله، فاستأذن عبد العزيز فلم يأذن له، فخرج من عنده غاضبا، فكتب عبد العزيز إلى أخيه بشر / أن يمنعه عطاءه، فمنعه، ورجع عبد اللَّه لما أضرّ به ذلك إلى عبد العزيز، وقال يمدحه:

  تركت ابن ليلى ضلَّة وحريمه ... وعند ابن ليلى معقل ومعوّل⁣(⁣٥)

  ألم يهدني أنّ المراغم واسع ... وأنّ الديار بالمقيم تنقّل⁣(⁣٦)

  سأحكم أمري إن بدا لي رشده ... وأختار أهل الخير إن كنت أعقل

  وأترك أو طاري وألحق بامرئ ... تحلَّب كفاه النّدى حين يسأل⁣(⁣٧)

  أبت لك يا عبد العزيز مآثر ... وجري شأى جري الجياد وأوّل⁣(⁣٨)


(١) النازي: المتوثب. ويقال قضى عليه وقضاه، أي أهلكه.

(٢) البنى بكسر الباء وضمها جمع بنية بالكسر والضم: ما بنيته. والشماريخ مفردة شمراخ، وهي رؤوس الجبال وأعالي السحاب.

(٣) جيبت بالجيم، ووردت بالحاء تصحيفا. وجاء في حديث أبي بكر ¥ أنه قال للأنصار يوم السقيفة: «إنما جيبت العرب عنا كما جيبت الرحى عن قطبها»، أي خرقت العرب عنا فكنا وسطا وكانت العرب حوالينا كالرحى، وقطبها الَّذي تدور عليه.

(٤) الجول: جدار البئر. والرجا: ناحية البئر.

(٥) المعوّل: ما يعوّل عليه ويعتمد.

(٦) المراغم: المهرب والمتسع.

(٧) الأوطار: الحاجات.

(٨) شأى: سبق.