كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب عبد الله بن الحجاج وأخباره

صفحة 118 - الجزء 13

  تمرّ وتستحلي على ذاك شربها ... لوجه أخيها في الإناء قطوب

  كميت إذا صبت وفي الكأس وردة ... لها في عظام الشاربين دبيب⁣(⁣١)

  تذكرت ذكرى من جنوب مصيبة ... ومالك من ذكرى جنوب نصيب

  / وأنّى ترجّي الوصل منها وقد نأت ... وتبخل بالموجود وهي قريب

  فما فوق وجدي إذ نأت وجد واجد ... من النّاس لو كانت بذاك تثيب⁣(⁣٢)

  برهرهة خود كأنّ ثيابها ... على الشّمس تبدو تارة وتغيب⁣(⁣٣)

  وهي قصيدة طويلة.

  الحجاج يحرض عبد الملك على قتل عبد اللَّه بن الحجاج

  ونسخت من كتاب ثعلب عن ابن الأعرابي، قال:

  كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يعرّفه آثار عبد اللَّه بن الحجاج، وبلاءه من محاربته، وأنه بلغه أنه أمّنه، ويحرضه ويسأله أن يوفده⁣(⁣٤) إليه ليتولَّى قتله، وبلغ ذلك عبد اللَّه بن الحجاج، فجاء حتّى وقف بين يدي عبد الملك، ثم أنشده:

  أعوذ بثوبيك اللَّذين ارتداهما ... كريم الثّنا من جيبه المسك ينفح⁣(⁣٥)

  فإن كنت مأكولا فكن أنت آكلي ... وإن كنت مذبوحا فكن أنت تذبح

  فقال عبد الملك: ما صنعت شيئا. فقال عبد اللَّه:

  لأنت وخير الظَّافرين كرامهم ... عن المذنب الخاشي العقاب صفوح

  ولو زلقت من قبل عفوك نعله ... ترامى به دحض المقام بريح⁣(⁣٦)

  نمى بك إن خانت رجالا عروقهم ... أروم ودين لم يخنك صحيح⁣(⁣٧)

  وعرف سرى لم يسر في الناس مثله ... وشأو على شأو الرجال متوح⁣(⁣٨)

  / تداركني عفو ابن مروان بعدما ... جرى لي من بعد الحياة سنيح⁣(⁣٩)

  رفعت مريحا ناظريّ ولم أكد ... من الهمّ والكرب الشديد أريح

  عبد الملك يمنع الحجاج من التعرض لعبد اللَّه

  فكتب عبد الملك إلى الحجاج: إني قد عرفت من خبث عبد اللَّه وفسقه ما لا يزيدني علما به، إلا أنه اغتفلني


(١) الكميت: الَّذي خالط حمرتها سواد. والوردة: الحمراء.

(٢) الواجد بالجيم: المشوق. وورد في ب، س بالخاء المهملة.

(٣) البرهرهة: المرأة البيضاء الشابة والناعمة. والخود بالفتح: الحسنة الخلق الشابة أو الناعمة.

(٤) في ح، س: «يفده».

(٥) الثناء: ما أثنيت به على المرء من مدح أو ذم.

(٦) الدحض بفتح الدال وسكون الحاء: الزلق. وفي الأصول بالراء. والبريح: المتعب.

(٧) الأروم جمع أرومة بالفتح والضم: الأصل. وفي الأصول: «ودين لم يجبك»، تحريف.

(٨) الشأو: السبق والغاية. والمتوح: البعيد. وروى بالنون في س، ش، ب.

(٩) السنيح: السانح. وكانت العرب إذا جرت الطير من شمال الإنسان إلى يمينه تفاءلوا ويسمى بالسانح، فإذا مر من الميامن إلى المياسر تشاءموا ويسمى بالبارح. ويقال: «من لي بالسانح بعد البارح»، أي بالمبارك بعد المشئوم.