نسب عبد الله بن الحجاج وأخباره
  تمرّ وتستحلي على ذاك شربها ... لوجه أخيها في الإناء قطوب
  كميت إذا صبت وفي الكأس وردة ... لها في عظام الشاربين دبيب(١)
  تذكرت ذكرى من جنوب مصيبة ... ومالك من ذكرى جنوب نصيب
  / وأنّى ترجّي الوصل منها وقد نأت ... وتبخل بالموجود وهي قريب
  فما فوق وجدي إذ نأت وجد واجد ... من النّاس لو كانت بذاك تثيب(٢)
  برهرهة خود كأنّ ثيابها ... على الشّمس تبدو تارة وتغيب(٣)
  وهي قصيدة طويلة.
  الحجاج يحرض عبد الملك على قتل عبد اللَّه بن الحجاج
  ونسخت من كتاب ثعلب عن ابن الأعرابي، قال:
  كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يعرّفه آثار عبد اللَّه بن الحجاج، وبلاءه من محاربته، وأنه بلغه أنه أمّنه، ويحرضه ويسأله أن يوفده(٤) إليه ليتولَّى قتله، وبلغ ذلك عبد اللَّه بن الحجاج، فجاء حتّى وقف بين يدي عبد الملك، ثم أنشده:
  أعوذ بثوبيك اللَّذين ارتداهما ... كريم الثّنا من جيبه المسك ينفح(٥)
  فإن كنت مأكولا فكن أنت آكلي ... وإن كنت مذبوحا فكن أنت تذبح
  فقال عبد الملك: ما صنعت شيئا. فقال عبد اللَّه:
  لأنت وخير الظَّافرين كرامهم ... عن المذنب الخاشي العقاب صفوح
  ولو زلقت من قبل عفوك نعله ... ترامى به دحض المقام بريح(٦)
  نمى بك إن خانت رجالا عروقهم ... أروم ودين لم يخنك صحيح(٧)
  وعرف سرى لم يسر في الناس مثله ... وشأو على شأو الرجال متوح(٨)
  / تداركني عفو ابن مروان بعدما ... جرى لي من بعد الحياة سنيح(٩)
  رفعت مريحا ناظريّ ولم أكد ... من الهمّ والكرب الشديد أريح
  عبد الملك يمنع الحجاج من التعرض لعبد اللَّه
  فكتب عبد الملك إلى الحجاج: إني قد عرفت من خبث عبد اللَّه وفسقه ما لا يزيدني علما به، إلا أنه اغتفلني
(١) الكميت: الَّذي خالط حمرتها سواد. والوردة: الحمراء.
(٢) الواجد بالجيم: المشوق. وورد في ب، س بالخاء المهملة.
(٣) البرهرهة: المرأة البيضاء الشابة والناعمة. والخود بالفتح: الحسنة الخلق الشابة أو الناعمة.
(٤) في ح، س: «يفده».
(٥) الثناء: ما أثنيت به على المرء من مدح أو ذم.
(٦) الدحض بفتح الدال وسكون الحاء: الزلق. وفي الأصول بالراء. والبريح: المتعب.
(٧) الأروم جمع أرومة بالفتح والضم: الأصل. وفي الأصول: «ودين لم يجبك»، تحريف.
(٨) الشأو: السبق والغاية. والمتوح: البعيد. وروى بالنون في س، ش، ب.
(٩) السنيح: السانح. وكانت العرب إذا جرت الطير من شمال الإنسان إلى يمينه تفاءلوا ويسمى بالسانح، فإذا مر من الميامن إلى المياسر تشاءموا ويسمى بالبارح. ويقال: «من لي بالسانح بعد البارح»، أي بالمبارك بعد المشئوم.