أخبار ناهض بن ثومة ونسبه
  فما لكواهل الشّعراء بدّ ... من القتب الَّذي فيه لحاح(١)
  ومن توريك راكبه عليهم ... وإن كرهوا الركوب وإن ألاحوا(٢)
  ما وقع بين بني نمير وبني كلاب وشعر ناهض في ذلك
  ونسخت من هذا الكتاب الَّذي فيه شعره، أنّ وقعة كانت بين بني نمير وبني كلاب بنواحي ديار مضر، وكانت لكلاب على بني نمير؛ وأن نميرا استغاثت ببني تميم، ولجأت إلى مالك بن زيد سيد تميم يومئذ بديار مضر، فمنع تميما من إنجادهم، وقال: ما كنا لنلقى بين قيس وخندف دماء نحن عنها أغنياء، وأنتم وهم لنا أهل وإخوة، فإن سعيتم في صلح عاونّا، وإن كانت حمالة(٣) أعنّا، فأمّا الدماء فلا مدخل لنا بينكم فيها. فقال ناهض بن ثومة في ذلك:
  سلام اللَّه يا مال بن زيد ... عليك وخير ما أهدى السلاما
  تعلم أينا لكم صديق ... فلا تستعجلوا فينا الملاما
  ولكنا وحيّ بني تميم ... عداة لا نرى أبدا سلاما
  وإن كنا تكاففنا قليلا ... كحرف السّيف ينهار انهداما(٤)
  وهيض العظم يصبح ذا انصداع ... وقد ظنّ الجهول به التئاما(٥)
  فلن ننسى الشباب المرد منّا ... ولا الشّيب الجحاجح والكراما(٦)
  ونوح نوائح منّا ومنهم ... مآتم ما تجفّ لهم سجاما(٧)
  فكيف يكون صلح بعد هذا ... يرجّي الجاهلون لهم تماما
  ألا قل للقبائل من تميم ... وخصّ لمالك فيها الكلاما
  فزيدوا يا بني زيد نميرا ... هوانا إنه يدني الفطاما
  ولا تبقوا على الأعداء شيئا ... أعزّ اللَّه نصركم وداما
  / وجدت المجد في حيّي تميم ... ورهط الهذلق الموفي الذماما(٨)
  نجوم القوم ما زالوا هداة ... وما زالوا لآبيهم زماما(٩)
  هم الرأس المقدم من تميم ... وغاربها وأوفاها سناما(١٠)
  إذا ما غاب نجم آب نجم ... أغرّ نرى لطلعته ابتساما
(١) القتب: الرحل. اللحاح: العقر والكسر.
(٢) التوريك: الاعتماد على الورك. وألاحوا: أعرضوا.
(٣) الحمالة: الدية الَّتي يحملها قوم عن قوم.
(٤) تكاففنا: كف بعضنا عن بعض. السيف بكسر السين: جانب الشاطئ.
(٥) الهيض: الكسر بعد الجبور.
(٦) الجحاجح: السادة من القوم، جمع جحجح.
(٧) السجام، يقال سجم العين والدمع والماء يسجم سجوما وسجاما، إذا سال.
(٨) الهذلق: هو ابن بشير أخو بني عتيبة ابن الحارث بن شهاب.
(٩) الآبي: الكاره.
(١٠) الغارب: الكاهل أو ما بين السنام والعنق.