كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مجنون بني عامر ونسبه

صفحة 333 - الجزء 2

  أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدّثنا أحمد بن الحارث الخرّاز قال قال ابن الأعرابيّ: كان معاذ بن كليب⁣(⁣١) مجنونا، وكان يحبّ ليلى، وشركه في حبها مزاحم بن الحارث العقيليّ، فقال مزاحم يوما للمجنون:

  كلانا يا معاذ يحبّ ليلى ... بفيّ وفيك من ليلى التّراب

  شركتك في هوى من كان حظَّي ... وحظَّك من مودّتها العذاب

  لقد خبلت فؤادك ثم ثنّت ... بقلبي⁣(⁣٢) فهو مخبول مصاب

  قال فيقال: إنه لما سمع هذه الأبيات التبس وخولط في عقله.

  / وذكر أبو عمرو الشّيبانيّ: أنه سمع في الليل هاتفا يهتف بهذه الأبيات، فكانت سبب جنونه.

  وذكر إبراهيم بن المنذر الحزاميّ عن أيّوب بن عباية: أن فتى من بني مروان كان يهوى امرأة منهم فيقول فيها الشعر وينسبه إلى المجنون، وأنه عمل له أخبارا وأضاف إليها ذلك الشعر، فحمله الناس وزادوا فيه.

  إنكار وجوده والقول بأن شعره مولد عليه

  وأخبرني عمّي عن الكرانيّ عن العمريّ عن العتبيّ عن عوانة أنه قال: المجنون اسم مستعار لا حقيقة له، وليس له في بني عامر أصل ولا نسب، فسئل من قال هذه الأشعار؟ فقال: فتى من بني أمية.

  وقال الجاحظ: ما ترك الناس شعرا مجهول القائل قيل في ليلى إلا نسبوه إلى المجنون⁣(⁣٣)، ولا شعرا هذه سبيله قيل في لبنى إلا نسبوه إلى قيس بن ذريح.

  وأخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدّثنا هارون بن محمد بن عبد الملك قال حدّثني أبو أيّوب المديني⁣(⁣٤) قال حدّثني الحكم بن صالح قال: قيل لرجل من بني عامر: هل تعرفون فيكم المجنون الذي قتله العشق؟ فقال:

  هذا باطل، إنما يقتل العشق هذه اليمانية الضّعاف القلوب.

  / أخبرنا أحمد بن عمر بن موسى قال حدّثنا إبراهيم بن المنذر الحزاميّ قال حدّثني أيّوب بن عبابة قال حدّثني من سأل بني عامر بطنا بطنا عن المجنون فما وجد فيهم أحدا يعرفه.

  أخبرني محمد بن مزيد بن أبي الأزهر قال حدّثنا أحمد بن الحارث عن ابن الأعرابي أنه ذكر عن جماعة من بني عامر أنهم سئلوا عن المجنون فلم يعرفوه، وذكروا أنّ هذا الشعر كلَّه مولَّد⁣(⁣٥) عليه.


(١) في ت: «كلب».

(٢) في ب، س: «بعقلي».

(٣) في ت: «قيس بن الملَّوح».

(٤) كذا في أغلب النسخ. وفي ب، س: المدائنيّ «والصواب ما أثبتناه. قال ابن النديم في» الفهرست «طبع ليبزج ص ١٤٨: أبو أيوب المدينيّ واسمه سليمان بن أيوب بن محمد من أهل المدينة أه. والأكثر في النسبة إلى مدينة الرسول ÷» مدنيّ «قال السمعانيّ في» الأنساب «: أكثر ما ينسب إليها المدنيّ ونقل ياقوت عن محمد بن إسماعيل البخاريّ: أن المدينيّ هو الذي أقام بالمدينة ولم يفارقها، والمدنيّ هو الذي تحوّل عنها وكان منها ثم قال: والمشهور عندنا أنّ النسبة إلى مدينة الرسول مدنيّ مطلقا وإلى غيرها من المدن مدينيّ للفرق لا لعلة أخرى وربما ردّه بعضهم إلى الأصل فنسب إلى مدينة الرسول أيضا مدينيّ أه.

(٥) كذا في أغلب النسخ، والمولد: المفتعل، يقال: جاء بكتاب مولد أي مفتعل. وفي ب، س: «مؤلف».