أخبار حاجز ونسبه
  صباحك واسلمى عنا أماما ... تحيّة وامق وعمي ظلاما
  برهرهة يحار الطرف فيها ... كحقّة تاجر شدّت ختاما(١)
  فإن تمس ابنة السهميّ منّا ... بعيدا لا تكلَّمنا كلاما
  فإنّك لا محالة أن تريني ... ولو أمست حبالكم رماما
  بناجية القوائم عيسجور ... تدارك نيّها عاما فعاما(٢)
  سلي عنّي إذا اغبّرت جمادي ... وكان طعام ضيفهم الثماما(٣)
  ألسنا عصمة الأضياف حتى ... يضحّى مالهم نفلا تواما(٤)
  / أبى ربع الفوارس يوم داج ... وعمّي مالك وضع السّهاما(٥)
  فلو صاحبتنا لرضيت منا ... إذا لم تغبق المائة الغلاما(٦)
  يعني بقوله: وضع السهام، أن الحارث بن عبد اللَّه بن بكر بن يشكر بن مبشر بن صقعب بن دهمان بن نصر بن زهران، كان يأخذ من جميع الأزد إذا غنموا الربع، لأنّ الرياسة في الأزد كانت لقومه، وكان يقال لهم: «الغطاريف» وهم أسكنوا الأسد بلد السراة، وكانوا يأخذون للمقتول منهم ديتين ويعطون غيرهم دية واحدة إذا وجبت عليهم، فغزتهم بنو فقيم بن عديّ بن الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، فظفرت بهم، فاستغاثوا ببني سلامان فأغاثوهم، حتّى هزموا بني فقيم وأخذوا منهم الغنائم وسلبوهم، فأراد الحارث أن يأخذ الرّبع كما كان يفعل، فمنعه مالك بن ذهل بن مالك بن سلامان، وهو عمّ أبي حاجز، وقال: «هيهات، ترك الرّبع غدوة»(٧) فأرسلها مثلا، فقال له الحارث: أتراك يا مالك تقدر أن تسود؟ فقال: هيهات، الأزد أمنع من ذاك. فقال: أعطني ولو جعبا - والجعب:
  البعر في لغتهم؛ لئلا تسمع العرب أنك منعتني. فقال مالك: «فمن سماعها أفرّ»(٨)، ومنعه الربيع، فقال حاجز في ذلك:
  ألا زعمت أبناء يشكر أننا ... بربعهم باؤا هنالك ناضل(٩)
  / ستمنعنا منكم ومن سوء صنعكم ... صفائح بيض أخلصتها الصياقل
  وأسمر خطَّيّ إذا هزّ عاسل ... بأيدي كماة جرّبتها القبائل(١٠)
  / وقال أبو عمرو: جمع حاجز ناسا من فهم وعدران، فدلَّهم على خثعم، فأصابوا منهم غرّة وغنموا ما شاؤوا، فبلغ حاجرا أنهم يتوعدونه ويرصدونه، فقال:
(١) برهرهة: بضه غضة. والحقة بضم القاف: وعاء من خشب أو من عاج.
(٢) الناجية: السريعة، ولا يوصف بها البعير. والعيسجور: الناقة الصلبة السريعة. تدارك: تلاحق. والني بكسر النون وفتحها: الشحم.
(٣) اغبرت جمادي: قل الخير وذلك في الشتاء. والتمام: نبت ضعيف.
(٤) ضحى إبله: رعاها وقت الضحى. وفي الأصول: «يفحى». والنفل: الهبة والعطية. والتوام: تسهيل تؤام، وهو المزدوج.
(٥) ربعهم: أخذ منهم المرباع، وهو ربع الغنيمة. وفي الأصول: «عبر».
(٦) تغبق: تسقي الغبوق، وهو الشرب بالعشي.
(٧) ترك الربع غدوة: مثل «الصيف ضيعت اللبن».
(٨) في ح: «أقر» بالقاف.
(٩) باؤا: فخروا. الفاضل: الغالب.
(١٠) العاسل: الرمح المهتز.