أخبار مجنون بني عامر ونسبه
  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه(١) بن عمّار قال حدّثني أحمد بن سليمان بن أبي شيخ عن أبيه عن محمد ابن الحكم عن عوانة قال: ثلاثة لم يكونوا قطَّ ولا عرفوا: ابن أبي العقب صاحب قصيدة الملاحم(٢)، وابن القرّيّة(٣)، ومجنون بني عامر.
  / أخبرني أبو الحسن الأسديّ قال حدّثنا الرّياشيّ قال سمعت الأصمعيّ يقول: الذي ألقي على المجنون من الشعر وأضيف إليه أكثر مما قاله هو.
  أخبرني عيسى بن الحسين الورّاق قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني إسحاق قال: أنشدت أيّوب بن عباية هذين البيتين
  وخبّر تماني أنّ تيماء(٤) منزل ... لليلى إذا ما الصّيف ألقى المراسيا
  فهذي شهور الصّيف عنّا قد انقضت ... فما للنّوى ترمي بليلى المراميا
  وسألته عن قائلهما، فقال: جميل، فقلت له: إنّ الناس يروونهما للمجنون، فقال: ومن هو المجنون(٥)؟
  فأخبرته، فقال: ما لهذا حقيقة ولا سمعت به.
  وأخبرني عمّي عن عبد اللَّه بن شبيب عن هارون بن موسى الفرويّ(٦) قال:
  سألت أبا بكر العدويّ عن هذين البيتين فقال: هما لجميل، ولم يعرف المجنون، فقلت: فهل معهما غيرهما؟ قال: نعم، وأنشدني:
  وإنّي لأخشى أن أموت فجاءة ... وفي النفس حاجات إليك كما هيا
  وإنّي لينسيني لقاؤك كلَّما ... لقيتك يوما أن أبثّك ما بيا
  وقالوا به داء عياء أصابه ... وقد علمت نفسي مكان دوائيا
(١) في ت: «عبد اللَّه» وقد تقدّم غير مرة كما أثبتناه في الأصل.
(٢) الملاحم: جمع ملحمة وهي الواقعة العظيمة في الفتنة ولها علم خاص يبحث فيه عن معرفة أوقات الفتن بالدلائل النجومية، قال صاحب كتاب «مدينة العلوم»: وقد عرفت أن علم أحكام النجوم من أضعف العلوم دلالة فلا تعويل عليه أصلا أ. هـ من كتاب «أبجد العلوم» لصديق حسن خان طبع الهند ص ٦٣٦.
(٣) هو أيوب بن زيد بن قيس، والقرّية أمه وهو من بني هلال بن ربيعة وكان لسنا خطيبا، قتله الحجاج لاتّهامه بالميل إلى ابن الأشعث، وقد عرف به ابن خلكان في «تاريخه» فقال: «هذا ابن القرّية الذي يذكره النحاة في أمثالها فيقولون: ابن القرّية زمان الحجاج، ثم أورد عبارة صاحب» الأغاني «هذه وقال:» ابن القرّية يعني هذا المذكور وابن أبي العقب الذي تنسب إليه الملاحم واسمه يحيى بن عبد اللَّه بن أبي العقب واللَّه أعلم.
وقد ذكر صاحب «كشف الظنون» يحيى هذا باسم يحيى بن عقب ووصفه بأنه معلم الحسن والحسين ® وملحمته منظومة لاميّة أوّلها:
رأيت من الأمور عجيب حال ... لأسباب يسطرها مقالي
(٤) تيماء بالفتح والمدّ: بلد صغير في أطراف الشأم بين الشأم ووادي القرى والأبلق الفرد، حصن السموءل بن عاديا اليهودي مشرف عليها فلذلك كان يقال لها: تيماء اليهوديّ أه من «معجم البلدان» لياقوت.
(٥) كذا في ت وفي ب، س: «وما المجنون» وفي باقي النسخ: «وما هو المجنون».
(٦) في ت، ب، س، ح: «القروي». وفي سائر النسخ: «الهروي» والموجود في كتب «التراجم» «هارون بن موسى بن أبي علقمة الفروى» بالفاء فلعل القروي أو الهروي محرّفة عنها.