كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبد الصمد بن المعذل ونسبه

صفحة 156 - الجزء 13

  /

  إن كنت قد صفّرت أذن الفتى ... فطالما صفّر آذانا

  لا تعجبي إن كنت كشخنته ... فإنّما كشخنت كشخانا⁣(⁣١)

  شعره في الفتى الكاتب الَّذي عشق جارية ابن الجوهري

  أخبرني جعفر بن قدامة بن زياد الكاتب، قال: حدّثنا سوّار بن أبي شراعة، قال:

  كان بالبصرة رجل يعرف بابن الجوهري، وكانت له جارية مغنية حسنة الغناء، وكان ابن الجوهري شيخا همّا قبيح الوجه، فتعشّقت فتى كاتبا كان يعاشره ويدعوه، وكان الفتى نظيفا ظريفا، فاجتمعت معه مرارا في منزله، وكان عبد الصمد يعاشره، فكان الفتى يكاتمه أمره، ويحلف له أنّه لا يهواها، فدخلت عليهما ذات يوم بغتة، فبقي الفتى باهتا لا يتكلَّم، وتغير لونه وتخلَّج في كلامه، فقال عبد الصمد:

  لسان الهوى ينطق ... ومشهده يصدق⁣(⁣٢)

  لقد نمّ هذا الهوى ... عليك وما يشفق⁣(⁣٣)

  إذا لم تكن عاشقا ... فقلبك لم يخفق⁣(⁣٤)

  / وما لك إمّا بدت ... تحار فلا تنطق

  أشمس تجلَّت لنا ... أم القمر المشرق

  الغناء في هذه الأبيات لرذاذ، ويقال للقاسم بن زرزور، رمل مطلق.

  / قال: ثم طال الأمر بينهما، فهربت إليه جملة، فقال عبد الصمد في ذلك:

  إلى امرئ حازم ركبت ... أيّ امرئ عاجز تركت⁣(⁣٥)

  فتنة ابن الجوهريّ لقد ... أظهرت نصحا وقد أفكت

  أكذبتها عزمة ظهرت ... لا تبالي نفس من سفكت

  ظفرت فيها بما هويت ... ونجت من قرب من فركت⁣(⁣٦)

  ثمّ خدود بعدها لطمت ... وجيوب بعدها هتكت

  وعيون لا يرقّأن على ... حسن وجه فاتهنّ بكت⁣(⁣٧)

  خرجت والليل معتكر ... لم يهلها أيّة سلكت

  وعيون النّاس قد هجعت ... ودجى الظَّلماء قد حلكت

  لم تخف وجدا بعاشقها ... حرمة الشّهر الَّذي انتهكت


(١) كشخن الرجل: صار لا يغار واتهم بالدياثة، وهي أن يرى الرجل العمل الفاضح في أهله ولا يغار.

(٢) مشهده، وفي كل الأصول: «مشاهده» ولا يستقيم الوزن.

(٣) في كل الأصول: «تم» وهو تصحيف.

(٤) لم يخفق: أي لماذا يخفق.

(٥) في ب، ش: «إلى امرئ».

(٦) فركت: كرهت.

(٧) فاتهن بالتاء، وفي كل الأصول بالنون وهو تحريف.