كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبد الصمد بن المعذل ونسبه

صفحة 159 - الجزء 13

  يفوح ريح كنيف من ترائبها ... سوداء حالكة دهماء كالقار⁣(⁣١)

  قال: فكسدت واللَّه تلك القينة بالبصرة، فلم تدع ولم تستتبع حتّى أخرجت عنها.

  عتابه لبعض الأمراء

  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش، قال: حدّثنا المبرد، قال:

  كتب عبد الصمد بن المعذل إلى بعض الأمراء رقعة فلم يجبه عنها، لشيء كان بلغه عنه، فكتب إليه:

  قد كتبت الكتاب ثم مضى اليو ... م ولم أدر ما جواب الكتاب

  / ليت شعري عن الأمير لماذا ... لا يراني أهلا لردّ الجواب /

  لا تدعني وأنت رفّعت حالي ... ذا انخفاض بهجرتي واجتنابي

  إن أكن مذنبا فعندي رجوع ... وبلاء بالعذر والإعتاب

  وأنا الصادق الوفاء وذو العه ... د الوثيق المؤكَّد الأسباب

  هجاؤه للمهلبي الَّذي كان يخدع الفتيات

  أخبرني الحرميّ بن عليّ، قال: حدّثني أبو الشبل، قال:

  كان بالبصرة رجل من ولد المهلَّب بن أبي صفرة، يقال له: صبيانة، وكان له بستان سريّ في منزله، فكان يدعو الفتيات إليه، فلا يعطيهنّ شيئا من الدراهم، ويقصر بهن على ما يحملنه من البستان معهنّ، مثل الرّطب والبقول والرياحين، فقال فيه عبد الصمد قوله⁣(⁣٢):

  قوم زناة مالهم دراهم ... جذرهم النّمّام والحماحم⁣(⁣٣)

  أنذل من تجمعه المواسم ... خسّوا وخسّت منهم المطاعم ... فعدلهم إن قسته المظالم⁣(⁣٤)

  جزع عبد الصمد من هجاء الجماز

  أخبرني جعفر بن قدامة، قال: حدّثني سوّار بن أبي شراعة، وأخبرنا به سوار إجازة، قال: حدّثني أبي، قال:

  لمّا هجا الجماز عبد الصمد بن المعذّل جاءني فقال لي: أنقذني منه. فقلت له: أمثلك يفرق⁣(⁣٥) من الجماز؟

  فقال: نعم، لأنه لا يبالي بالهجاء ولا يفرق منه، ولا عرض له، وشعره ينفق⁣(⁣٦) على من لا يدري. فلم أزل حتّى أصلحت بينهما بعد أن سار قوله فيه:

  /

  ابن المعذّل من هو ... ومن أبوه المعذّل

  سألت وهبان عنه ... فقال بيض محوّل⁣(⁣٧)


(١) الترائب: عظام الصدر، أو ما بين الثديين، أو أربع أضلاع من جانبي الصدر، أو موضع القلادة.

(٢) قوله، ليست في س، ش.

(٣) الجذر: الأصل. والنمام نبت طيب مدر. والحماحم: الحبق البستاني العريض الورق.

(٤) ح: «مظالم».

(٥) يفرق: يخاف ويفزع.

(٦) ينفق: يروج وينتشر.

(٧) محول: أي حضنه غير أبويه.