أخبار الشمردل ونسبه
  وما أنا إلا مثل من ضربت له ... أسى الدهر عن ابني أب فارقا مثلي(١)
  أقول إذا عزّيت نفسي بإخوة ... مضوا لاضعاف في الحياة ولا عزل
  أبى الموت إلا فجع كلّ بني أب ... سيمسون شتّى غير مجتمعي الشّمل
  سبيل حبيبيّ اللَّذين تبرّضا ... دموعي حتى أسرع الحزن في عقلي(٢)
  كأن لم نسر يوما ونحن بغبطة ... جميعا وينزل عند رحليهما رحلي
  فعينيّ إن أفضلتما بعد وائل ... وصاحبه دمعا فعودا على الفضل
  خليليّ من دون الأخّلاء أصبحا ... رهيني وفاء من وفاة ومن قتل
  فلا يبعدا للدّاعيين إليهما ... إذا اغبر آفاق السماء من المحل(٣)
  فقد عدم الأضياف بعدهما القرى ... وأخمد نار الليل كلّ فتى وغل(٤)
  وكانا إذا أيدي الغضاب تحطمت ... لواغر صدر أو ضغائن من تبل(٥)
  / تحاجز أيدي جهّل القوم عنهما ... إذا أتعب الحلم التترّع(٦) بالجهل
  كمستأسدي عرّيسة لهما بها ... حمى هابه من بالخزونة والسّهل(٧)
  ومنها الصوت الَّذي ذكرت أخباره بذكره.
  رثاؤه أخاه وائلا أيضا
  قال أبو عبيدة: وقال يرثي أخاه وائلا، وهي من مختار المراثي وجيد شعره:
  لعمري لئن غالت أخي دار فرقة ... وآب إلينا سيفه ورواحله(٨)
  وحلَّت به أثقالها الأرض وانتهى ... بمثواه منها وهو عفّ مآكله(٩)
  لقد ضمّنت جلد القوى كان يتّقى ... به جانب الثغر المخوف زلازله
  وصول إذا استغنى وإن كان مقترا ... من المال لم يحف الصديق مسائله(١٠)
  محلّ لأضياف الشّتاء كأنما ... هم عنده أيتامه وأرامله(١١) /
  رخيص نضيج اللحم مغل بنيئه ... إذا بردت عند الصّلاء أنامله(١٢)
(١) الأسي: بالكسر وتضم جمع أسوة. وهو ما يتأسى به الحزين ويتعزى.
(٢) تبرضا دموعي: استنزفاها قليلا قليلا.
(٣) المحل: الجدب، وانقطاع المطر. س، ب: «فلا يبعدا للراعيين».
(٤) الوغل: النذل الساقط المقصر في الأشياء.
(٥) الوغر: التوقد من الغيظ. التبل: العداوة.
(٦) تحاجز: تتحاجز. والتترع: التسرع.
(٧) المستأسد: الجريء، عنى به الأسد. والعريسة: مأوى الأسد. وفي الأصل: «كميشا سدى». الحزونة: الأرض الغليظة.
(٨) في «أمالي اليزيدي» ٣٢: «وحمائله».
(٩) في «أمالي اليزيدي»: «حلت: زينت به موتاها، من الحلي».
(١٠) المقتر: القليل المال. أحفاه: برح به في الإلحاح عليه، أو سأله فأكثر عليه الطلب.
(١١) اليزيدي: «هضوم لأضياف الشتاء». والهضوم، والهضام: المنفق لماله.
(١٢) الصلاء: اسم للنار أو للوقود.