كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحصين بن الحمام ونسبه

صفحة 258 - الجزء 14

  أولئك قوم لا يهان ثويّهم ... إذا صرّحت كحل وهبّ الصّنابر⁣(⁣١)

  / وقال لهم أيضا:

  ألا أبلغ لديك أبا حميس ... وعاقبة الملامة للمليم⁣(⁣٢)

  فهل لكم إلى مولى نصور ... وخطبكم من اللَّه العظيم

  فإنّ دياركم بجنوب بسّ ... إلى ثقف إلى ذات العظوم⁣(⁣٣)

  - بسّ: بناء بنته غطفان شبّهوه بالكعبة، وكانوا يحجّونه ويعظَّمونه ويسمّونه حرما، فغزاهم زهير بن جناب الكلبيّ فهدمه -

  غذتكم في غداة الناس حجّا ... غذاء الجائع الجدع اللئيم⁣(⁣٤)

  فسيروا في البلاد وودّعونا ... بقحط الغيث والكلإ الوخيم

  قوله في بني حميس أيضا يلومهم ويذكر يده عليهم

  قال أبو عبيدة: قال عمرو:

  زعموا أن المثلَّم بن رباح قتل رجلا يقال له حباشة في جوار الحارث بن ظالم المرّي، فلحق المثلَّم بالحصين بن الحمام، فأجاره. فبلغ ذلك الحارث بن ظالم، فطلب الحصين بدم حباشة، فسأل في قومه وسأل في بني حميس جيرانه فقالوا: إنّا لا نعقل⁣(⁣٥) بالإبل، ولكن إن شئت أعطيناك الغنم. فقال في ذلك وفي كفرهم نعمته:

  /

  خليليّ لا تستعجلا أن تزوّدا ... وأن تجمعا شملي وتنتظرا غدا

  فما لبث يوما بسائق مغنم ... ولا سرعة يوما بسابقة غدا⁣(⁣٦)

  وإن تنظراني اليوم أقض لبانة ... وتستوجبا منّا عليّ وتحمدا⁣(⁣٧)

  لعمرك إنّي يوم أغدو بصرمتي ... تناهى حميس بادئين وعوّدا⁣(⁣٨)


(١) الثوي: الضيف. كحل: السنة المجدبة (تصرف ولا تصرف) ويقال: صرحت كحل، إذا لم يكن في السماء غيم. والصنابر: الرياح الباردة.

(٢) ألام: أتى ما يلام عليه.

(٣) في ب، س: «لبس» والتصحيح عن ح و «معجم البلدان» في الكلام على «ثقف» ج ٣: ١٩ - قال في «القاموس المحيط»: «بس:

بيت لغطفان بناه ظالم بن أسعد لما رأى قريشا يطوفون بالكعبة، ويسعون بين الصفا والمروة، فذرع البيت وأخذ حجرا من الصفا وحجرا من المروة ورجع إلى قومه وبنى بيتا على قدر البيت ووضع الحجرين فقال: هذان الصفا والمروة، فاجتزؤا به عن الحج.

فأغار زهير بن جناب الكلبي فقتل ظالما وهدم بناءه. وثقف وذات العظوم: موضعان.

(٤) في الأصول: «غدتكم في غدا الناس حجنا: غداء» وهو تحريف، وحجا بالضم (وبكسر أيضا) جمع حاج مثل بازل وبزل. والجدع:

السيء الغذاء.

(٥) عقل القتيل: دفع ديته.

(٦) اللبث بالتحريك: المكث والإبطاء كاللبث بفتح اللام وضمها. ويلاحظ أن هنا إيطاء.

(٧) أنظره: أخره وأمهله. واللبانة: الحاجة.

(٨) الصرمة: القطعة من الإبل ما بين العشرين إلى الثلاثين؛ وقيل غير ذلك. تناهى: كف، أي كف بنو حميس عن معاونتنا في إبل الدية، أو معناه: تناهى بنو حميس أي نهى بعضهم بعضا عن معاونتنا في ذلك فكفوا.