أخبار محمد بن حازم ونسبه
  خبره مع سعد بن مسعود
  أخبرني ابن عمار قال حدّثني أبو عليّ قال:
  لقيت محمّد بن حازم في الطريق فقلت له: يا أبا جعفر، كيف ما بينك وبين صديقك سعد بن مسعود اليوم(١) - وهو أبو إسحاق / بن سعد، وكان يكتب للنّوشجاني - فأنشدني:
  راجع بالعتبى فأعتبته ... وربما أعتبك المذنب(٢)
  وإن في الدّهر، على صرفه ... بين الصّديقين، لمستعتب(٣)
  قصيدته في مديح الشباب وذم الشيب
  أخبرني محمّد بن القاسم الأنباريّ وابن الوشّاء جميعا قالا حدّثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال:
  قال ابن الأعرابيّ: أحسن ما قال المحدثون من شعراء هذا الزّمان في مديح الشّباب وذمّ الشّيب:
  لا حين صبر فخلّ الدّمع ينهمل ... فقد الشّباب بيوم المرء متّصل
  سقيا ورعيا لأيّام الشّباب وإن ... لم يبق منه له رسم ولا طلل
  جرّ الزّمان ذيولا في مفارقه ... وللزّمان على إحسانه علل
  وربّما جرّ أذيال الصّبا مرحا ... وبين برديه غصن ناعم خضل(٤)
  يصبي الغواني ويزهاه بشرّته ... شرخ الشّباب وثوب حالك رجل(٥)
  لا تكذبنّ فما الدّنيا بأجمعها ... من الشّباب بيوم واحد بدل
  كفاك بالشّيب عيبا عند غانية ... وبالشّباب شفيعا أيّها الرّجل(٦)
  بان الشّباب وولَّى عنك باطله ... فليس يحسن منك اللَّهو والغزل
  أمّا الغواني فقد أعرضن عنك قلى ... وكان إعراضهنّ الدّلّ والخجل
  أعرنك الهجر ما لاحت مطوّقة ... فلا وصال ولا عهد ولا رسل(٧)
  ليت المنايا أصابتني بأسهمها ... فكنّ يبكين عهدي قبل أكتهل(٨)
(١) في الأصول بعد هذه الكلمة: «والرادي علي». ولا أرى لها معنى ولا موضعا في الكلام.
(٢) العتبى: الرضا، أعتبه: أعطاه العتبى ورجع إلى مسرته.
(٣) مستعتب: استرضاء، تقول: استعتبته فأعتبني أي استرضيته فأرضاني وكان الأولى أن يقول: «لمستعتبا» بالنصب لأنه اسم «إن»، ولكن على النصب يكون في البيت إقواء أو يخرج الرفع على أن اسم «إن» ضمير الشأن وجملة «في الدهر لمستعتب» خبرها.
(٤) خضل: ند، يترشش نداه.
(٥) شرة الشباب: نشاطه. وشرخ الشباب: أوّله. يزهاه: يستخفه ويحمله على الزهو وهو الكبر والتيه والعظمة. وثوب حالك: يريد به شعر الشباب. وشعر رجل: بين السبوطة والجعودة.
(٦) في ب، س: «عيب عند عائبه» وهو تحريف.
(٧) في ب، س: «أعرتك»؛ وهو تصحيف.
(٨) في الأصول: «تبكين» تصحيف.