كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار محمد بن حازم ونسبه

صفحة 324 - الجزء 14

  ولم أترك من الأعذار شيئا ... ألام به وإن كثر الخطاب

  / سألتك حاجة فطويت كشحا ... على رغم، وللدهر انقلاب⁣(⁣١)

  وسمتني الدّنيّة مستخفّا ... كما خزمت بآنفها الصّعاب⁣(⁣٢)

  كأنّك [كنت⁣(⁣٣)] تطلبني بثأر ... وفي هذا لك العجب العجاب

  فإن تك حاجتي غلبت وأعيت ... فمعذور، وقد وجب الثواب⁣(⁣٤)

  / وإن يك وقتها شيب الغراب ... فلا قضيت ولا شاب الغراب

  رجوتك حين قيل لي ابن كسرى ... وإنّك سرّ ملكهم اللَّباب

  فقد عجّلت لي من ذاك وعدا ... وأقرب من تناوله السّحاب

  وكلّ سوف ينشر غير شكّ ... ويحمله لطيّته⁣(⁣٥) الكتاب

  خبره مع بعض ولد سعيد بن سالم

  أخبرني الحسن قال: حدّثني ابن مهرويه قال: حدّثني الحسن بن أبي السّريّ قال:

  قصد محمّد بن حازم بعض ولد سعيد بن سالم وقد ولي عملا، واسترفده⁣(⁣٦)؛ فأطال مدّته ولم يعطه شيئا؛ وانصرف عنه وقال:

  أللدّنيا أعدّك يا بن عمّي ... فأعلم أم أعدّك للحساب

  إلى كم لا أراك تنيل حتّى ... أهزّك! قد برئت من العتاب

  وما تنفكّ من جمع ووضع ... كأنّك لست توقن بالإياب

  فشرّك عن صديقك غير ناء ... وخيرك عند منقطع التراب

  أتيتك زائرا فأتيت كلبا ... فحظَّي من إخائك للكلاب

  فبئس أخو العشيرة ما علمنا ... وأخبث صاحب لأخي اغتراب

  أيرحل عنك ضيفك غير راض ... ورحلك واسع خصب الجناب

  فقد أصبحت من كرم بعيدا ... ومن ضدّ المكارم في اللَّباب

  وما بي حاجة لجداك لكن ... أردّك عن قبيحك للصّواب⁣(⁣٧)


(١) الكشح: ما بين الخاصرة إلى الضلع من الخلف. وطوى كشحه عنه: أعرض عنه وقطعه. وطوى كشحه على الأمر: أضمره وستره.

(٢) سامه الذل: كلفه إياه وأراده عليه. وآنف: جمع أنف. والصعاب: جمع صعب، وهو من الإبل ضدّ الذلول.

(٣) ساقطة من ب.

(٤) أعياه الأمر وأعيا عليه: عجز عنه.

(٥) في الأصول «لطيتها» وهو تحريف. يقال: مضى لطيته، أي لوجهه الَّذي يريده. ولنيته الَّتي انتواها.

(٦) استرفده: طلب رفده، أي صلته وعطاءه.

(٧) الجدا والجدوى: العطية.