أخبار محمد بن حازم ونسبه
  تمثل المتوكل بشعره حينما غاضبته قبيحة
  حدّثني عمّي قال: حدّثني يزيد بن محمّد المهلَّبي قال:
  كنّا عند المتوكل يوما وقد غاضبته قبيحة، فخرج إلينا فقال: من ينشدني منكم شعرا في معنى غضب قبيحة عليّ، وحاجتي أن أخضع لها حتى ترضى؟ فقلت له: لقد أحسن محمّد بن حازم الباهليّ يا أمير المؤمنين حيث يقول:
  صفحت برغمي عنك صفح ضرورة ... إليك وفي قلبي ندوب من العتب(١)
  خضعت وما ذنبي إن الحبّ عزّني(٢) ... فأغضيت صفحا عن معالجة الحبّ
  وما زال بي فقر إليك منازع ... يذلَّل منّي كلّ ممتنع صعب
  إلى اللَّه أشكو أنّ ودّي محصّل ... وقلبي جميعا عند مقتسم القلب(٣)
  والغناء لعبيدة الطَّنبوريّة رمل بالوسطى - قال: أحسنت وحياتي يا يزيد! وأمر بأن يغنّى فيه، وأمر لي بألف دينار.
  هجاؤه بني نمير
  حدّثني الحسن بن عليّ قال: حدّثني ابن مهرويه قال: حدّثنا عليّ بن خالد البرمكيّ قال:
  سافر محمّد بن حازم الباهليّ سفرا، فمرّ بقوم من بني نمير، فسلَّوا منه بعيرا له عليه ثقله(٤)؛ فقال يهجوهم:
  /
  نمير: أجبنا حيث يختلف القنا ... ولؤما وبخلا عند زاد ومزود(٥)؟
  ومنع قرى الأضياف من غير علَّة ... ولا عدم، إلا حذار التّعوّد
  وبغيا على الجار الغريب إذا طرا ... عليكم وختل الرّاكب المتفرّد(٦)
  / على أنكم ترضون بالذّلّ صاحبا ... وتعطون من لا حاكم الضّيم عن يد(٧)
  أما وأبي إنّا لنعفو وإنّنا ... على ذاك أحيانا نجور ونعتدي
  نكيد العدا بالحلم من غير ذلَّة ... ونغشى الوغى بالصّدق لا بالتّوعّد
  نفى الضّيم عنّا أنفس مضريّة ... صراح وطعن الباسل المتمرّد(٨)
  وإنّا لمن قيس بن عيلان في الَّتي ... هي الغاية القصوى بعزّ وسؤدد
(١) في ج «يذوب من العقب» وهو تحريف.
(٢) عزني: غلبني.
(٣) محصل: مجمع ثابت.
(٤) في الأصول: «فسلوا عليه بعيرا ...» وسلوا: استلوا. والثقل: متاع المسافر.
(٥) المزود: وعاء الزاد.
(٦) طرأ على القوم: أتاهم من غير أن يعلموا. وفي الأصول «طرأ إليكم». والختل: الخدع.
(٧) لاحاه: نازعه. وعن يد: عن ذلة.
(٨) في الأصول: «صراخ بالخاء المعجمة» وهو تصحيف.