كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ابن القصار ونسبه

صفحة 329 - الجزء 14

  ويحمل في البلبكيذ ما يوضع بين يديه في دار السلطان، فيدعو إخوانه عليه. وأكثر من ثلب الرجل مما لا فائدة فيه.

  ولو أراد قائل [أن]⁣(⁣١) يقول فيه ما لا يبعد من هذه الأخلاق لوجد مقالا واسعا، ولكنه مما يقبح ذكره، سيّما وقد لقيناه وعاشرناه. عفا اللَّه عنا وعنه.

  كان مفضلا بحضرة السلطان

  أخبرنا ذكاء وجه الرّزّة قال: كنا نجتمع مع جماعة في الطَّنبوريّين، ونشاهدهم في دور الملوك وبحضرة السلطان، فما شاهدت منهم أفضل من المسرور وعمر الميداني وابن القصّار.

  خبره مع زوج البلوري

  وحدّثني قمريّة البكتمريّة قالت: كنت لرجل من الكتّاب يعرف بالبلَّوريّ، وكان شيخا، وكانت ستّي⁣(⁣٢) الَّتي ربّتني مولاته⁣(⁣٣)، وكانت مغنّية شجيّة الصّوت حسنة الغناء، وكانت تعشق ابن القصّار، وكانت علامة مصيره إليها أن يجتاز في دجلة وهو يغنّي، فإن قدرت على لقائه أوصلته إليها، وإلَّا مضى. فأذكره وقد اجتاز بنا في ليلة مقمرة وهو يغنّي خفيف رمل قال:

  /

  أنا في يمنى يديها ... وهي في يسرى يديّه

  إنّ هذا لقضاء ... فيه جور يا أخيّه

  ويغنّى في آخره رده:

  ويل⁣(⁣٤) ويلي يا أبيّه

  وكانت ستّي واقفة بين يدي مولاها، فما ملكت نفسها أن صاحت: أحسنت / واللَّه يا رجل! فتفضّل وأعد، ففعل وشرب رطلا وانصرف، وعلم أنه لا يقدر على الوصول إليها. وكان مولاها يعرف الخبر، فتغافل عنها لموضعها من قلبه؛ فلا أذكر أنّي سمعت قطَّ أحسن من غنائه.

  صوت

  باح بالوجد قلبك المستهام ... وجرت في عظامك الأسقام

  يوم لا يملك البكاء أخو الشّو ... ق فيشفى ولا يردّ سلام

  لم يقع إليّ قائل هذا الشعر. والغناء لمعبد اليقطينيّ ثاني ثقيل بالبنصر عن أحمد بن المكَّيّ.


(١) زيادة يقتضيها المقام.

(٢) في «القاموس»: «وستي للمرأة أي يا ست جهاتي، أو لحن والصواب سيدتي». وفي «شرح القاموس»: «قوله: والصواب سيدتي:

ويحتمل أن الأصل سيدتي فحذف بعض حروف الكلمة، وله نظائر، قاله الشهاب القاسمي. ونقل شيخنا عن السيد عيسى الصفوي ما نصه: ينبغي ألا يقيد بالنداء لأنه قد لا يكون نداء. قال: والظاهر أن الحذف سماعي، وأن النداء على التمثيل لا أنه قيد كما توهموه اه. ويروي المعري في «رسالة الغفران»:

ست إن أعياك أمري ... فاحمليني زقفوته

(٣) في ج محل هذه الكلمة «له».

(٤) في الأصول «ويلي ويلي» ولا يستقيم به الوزن.