كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي الأسد ونسبه

صفحة 345 - الجزء 14

  عتابه لأبي دلف لحجبه إياه

  أخبرني عمّي قال: حدّثنا أحمد بن أبي طاهر.

  أنّ أبا الأسد زار أبا دلف في الكرج⁣(⁣١)، فحجب عنه أياما، فقال يعاتبه وكتب بها إليه:

  ليت شعري أضاقت الأرض عنّي ... أم بفجّ أنا الغداة طريد⁣(⁣٢)؟

  أم أنا قانع بأدنى معاش ... همّتي القوت والقليل الزّهيد

  مقولي قاطع وسيفي حسام ... ويدي حرّة وقلبي شديد

  ربّ باب أعزّ من بابك اليو ... م عليه عساكر وجنود

  قد ولجناه داخلين غدوّا ... ورواحا وأنت عنه مذود⁣(⁣٣)

  فاكفف اليوم من حجابك إذ لس ... ت أميرا ولا خميسا تقود⁣(⁣٤)

  واغترب في فدافد الصدّ إذ لس ... ت أسيرا ولا عليّ قيود⁣(⁣٥)

  لا يقيم العزيز في بلد الهو ... ن ولا يكبت الأريب الجليد⁣(⁣٦)

  شعره في صديقه بسطام

  أخبرني عليّ بن صالح بن الهيثم قال: أنشدني أبو هفّان لأبي الأسد في صديق له يقال له بسطام كان برّا به - قال: وهذا من جيّد شعره، وقد سرق البحتريّ معناه منه في شعر مدح به عليّ بن يحيى⁣(⁣٧) المنجّم -:

  أعدو على مال بسطام فأنهبه ... كما أشاء فلا تثنى إليّ يدي

  حتى كأنّي بسطام بما احتكمت ... فيه يداي وبسطام أبو الأسد

  رثاؤه إبراهيم الموصلي

  أخبرني عليّ بن صالح بن الهيثم قال: حدّثني أبو هفّان، وأخبرني به يحيى بن عليّ بن يحيى قال: حدّثني أبو أيوب المديني قال: حدّثنا أبو هفّان قال: حدّثني أبو دعامة قال:

  لمّا مات إبراهيم الموصليّ قيل لأبي الأسد - وكان صديقه - ألَّا ترثيه؟ فقال يرثيه:


(١) الكرج: مدينة بفارس بين همذان وأصبهان؛ وأوّل من مصرها أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي وجعلها وطنه، وإليها قصده الشعراء وذكروها في أشعارهم. وفي الأصول «إلى الكرج».

(٢) الفج: الطريق الواسع بين جبلين.

(٣) مذود: مدفوع مطرود.

(٤) الخميس: الجيش، لأنه خمس فرق: المقدّمة والقلب والميمنة والميسرة والساقة.

(٥) في الأصول «واعترف» وهو تحريف. وفدافد: جمع فدفد كجعفر، وهي الفلاة. وفي ج «فدافي» وهو تحريف.

(٦) في الأصول «يكسب» وهو تحريف، وكبته كضرب: أذله.

(٧) في الأصول «علي بن صالح يحيى المنجم». وأكبر ظني أن الناسخ أقحم كلمة «صالح» في الكلام إقحاما. وقد تقدّم في «الأغاني» أنه من رجال السند، وورد في «ديوان البحتري» مدائح فيه. وورد في «تاريخ بغداد» ١٢: ١٢٢ «علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم، كان راوية للأخبار والأشعار، شاعرا محسنا، أخذ عن إسحاق الموصلي الأدب وصنعة الغناء، ونادم المتوكل وكان من خاصة ندمائه عنده وعند من بعده من الخلفاء إلى أيام المعتمد، وتوفي آخر أيام المعتمد».