أخبار علي بن الخليل
  فلو تراه صارفا أنفه ... من ريح خيريّ ونسرين(١)
  لقلت: جلف من بني دارم ... حنّ إلى الشّيح بيبرين(٢)
  دعموص رمل زلّ عن صخرة ... يعاف أرواح البساتين(٣)
  / تنبو عن الناعم أعطافه ... والخزّ والسّنجاب واللَّين(٤)
  شعره في تعلق أحد أولاد المنصور بجارية
  أخبرني جحظة ومحمّد بن مزيد جميعا، قالا: حدّثنا حمّاد بن إسحاق، عن أبيه قال: كان عليّ بن الخليل جالسا مع بعض ولد المنصور، وكان الفتى يهوى جارية لعتبة مولاة المهدي، فمرّت به عتبة في موكبها والجارية معها، فوقفت عليه وسلَّمت، وسألت عن خبره، فلم يوفّها حقّ الجواب، لشغل قلبه بالجارية، فلما انصرفت أقبل عليه عليّ بن الخليل، فقال له:
  راقب بطرفك من تخا ... ف إذا نظرت إلى الخليل
  فإذا أمنت لحاظهم ... فعليك بالنظر الجميل(٥)
  إن العيون تدلّ بالن ... ظر المليح على الدّخيل(٦)
  إمّا على حبّ شدي ... د أو على بغض أصيل
  أخبرني هاشم بن محمّد الخزاعي قال: حدّثنا عيسى بن إسماعيل تينة قال: كان عليّ بن الخليل يصحب بعض ولد جعفر بن المنصور، فكتب إليه والبة بن الحباب يدعوه، ويسأله ألا يشتغل بالهاشمي يومه ذلك عنه، ويصف له طيب مجلسه وغناء حصّله وغلاما دعاه، فكتب إليه عليّ بن الخليل:
  أما ولحاظ جارية ... تذيب حشاشة المهج(٧)
  وسحر جفونها المضني ... ك بين الفتر والدّعج(٨)
  / مليحة كلّ شيء ما ... خلا من خلقها السّمج
  وحرمة دنّك المبزو ... ل والصهباء منه تجي(٩)
(١) الخيري بالكسر: المنثور الأصفر.
(٢) يبرين: رمل لا تدرك أطرافه، من أصقاع البحرين.
(٣) الدعموص: دويبة صغيرة تكون في مستنقع الماء. وسياق البيت يدل على أنه يريد به دويبة صحراوية لا مائية. يعاف: يكره.
أرواح: جمع ريح.
(٤) في ج «تنبو عن الفاقم» وهو تحريف. والسنجاب: حيوان شعره في غاية النعومة، يتخذ من جلده الفراء، يلبسه المتنعمون. انظر «حياة الحيوان الكبرى» للدميري.
(٥) لحاظهم، أي لحاظ من تخافهم، واللحاظ بالكسر: مصدر لاحظه أي راعاه. واللحاظ بالفتح: مؤخر العين مما يلي الصدغ.
(٦) في ج «تذل» وفي ج، ب، س «الرحيل» وهو تحريف.
(٧) الحشاشة: بقية الروح في المريض والجريح.
(٨) الدعج: سواد العين مع سعتها، وأراد بالفتر هنا: الفتور قال الشاعر:
وقاصرة الطوف مكفوحة ... بفتر الجفون وخون النظر
(٩) بزل الخمر: ثقب إناءها، ويقال للحديدة الَّتي تفتح مبزل الدن وبزال ومبزل لأنه يفتح بها، وفي ب، س «المبذول»، والصهباء: =