أخبار أبي الشبل ونسبه
  فأدركته شعوب فانشعبت ... بالرّوع والشّلو غير مقتور(١)
  أديل منه فأدركته يد ... من المنايا بحدّ مطرور(٢)
  يلتهب الموت في ظباه كما ... تلتهب النار في المساعير(٣)
  / ومزّقته المدى فما تركت ... كفّ القرا منه غير تعسير(٤)
  واغتاله بعد كسرها قدر ... صيره نهزة السّنانير(٥)
  فمزّقت لحمه براثنها ... وبذّرته أشدّ تبذير(٦)
  واختلسته الحداء خلسا مع ال ... غربان لم تزدجر لتكبير(٧)
  وصار حظَّ الكلاب أعظمه ... تهشم أنحاءها بتكسير(٨)
  كم كاسر نحوه وكاسرة ... سلاحها في شفا المناقير(٩)
  وخامع نحوه وخامعة ... سلاحها في شبا الأظافير(١٠)
  قد جعلت حول شلوه عرسا ... بلا افتقار إلى مزامير
  ولا مغنّ سوى هماهمها ... إذا تمطَّت لوارد العير(١١)
  يا كبش ذق إذ كسرت مسرجتي ... لمدية الموت كأس تنحير(١٢)
  بغيت ظلما والبغي مصرع من ... بغى على أهله بتغيير
  أضحيّة ما أظن صاحبها ... في قسمه لحمها بمأجور
  سرق منه قرطاس فرثاه
  أخبرني الحسن بن عليّ الشّيباني قال: دخلت على أبي الشبل يوما فوجدت تحت مخدّته ثلث قرطاس،
(١) شعوب: المنية. وقتر الشيء: ضم بعضه إلى بعض. والروع: القلب. والشلو: الجسد.
(٢) أداله اللَّه من عدوّه: جعل له الغلبة عليه. والطر: تحديد السكين. والتقدير: بحد سكين مطرور.
(٣) الظبي جمع ظبة، وهي حد السنان ونحوه، استعمل الجمع هنا في موضع المفرد. والمساعير مع مسعار، والمسعار والمسعر: ما سعر به أي أوقد به النار.
(٤) قراه قرى: أضافه. والتعسير: التضييق، والمراد به هنا القليل، أي أن القرى لم يبق لنا من لحمه إلا اليسير.
(٥) النهزة: الفرصة. والسنانير: جمع سنور.
(٦) براثن: جمع برثن كبرقع، وهو الكف مع الأصابع.
(٧) الخلس: الاختلاس.
(٨) في ج «يهشم ألحاها» وفي ب، س «يهشم ألحاءها» وهو تحريف.
(٩) الشفا: حرف كل شيء.
(١٠) جمع في مشيته كمنع: عرج. والشبا: جمع شباة، وهي حد كل شيء. والأظافير: جمع أظفور لغة في الظفر.
(١١) هماهم: جمع همهمة، وهي ترديد الصوت في الصدر وكل صوت معه بحح. لوارد العير: أي للغير الواردة، والعير: الإبل يحمل الميرة.
(١٢) نحره نحرا: ذبحه، وقد ضعفه الشاعر فقال: «تنحير» للشعر.