كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبد الله بن الزبير ونسبه

صفحة 424 - الجزء 14

  حضنيه⁣(⁣١) بالحق، وكف ابن الزّبير وأحسن بشر جائزته وكسوته، وشمت حجّار بن أبجر بمحمد بن عمير - وكان عدوّه - وأقبلت بنو أسد على ابن الزّبير فقالوا: عليك غضب اللَّه، أشمتّ حجّارا بمحمد، واللَّه لا نرضى عنك حتى تهجوه هجاء يرضى به محمّد بن عمير عنك، أو لست تعلم أن الفرزدق أشعر العرب؟ / قال: بلى، ولكن محمّدا ظلمني وتعرّض لي، ولم أكن لأحلم عنه إذ فعل، فلم تزل به بنو أسد حتى هجا حجّارا، فقال:

  سليل النصارى سدت عجلا ولم تكن ... لذلك أهلا أن تسود بني عجل⁣(⁣٢)

  / ولكنّهم كانوا لئاما فسدتهم ... ومثلك من ساد اللئام بلا عقل

  وكيف بعجل إن دنا الفصح واغتدت ... عليك بنو عجل ومرجلكم يغلي⁣(⁣٣)

  وعندك قسّيس النصارى وصلبها ... وعانيّة صهباء مثل جنى النحل⁣(⁣٤)

  قال: فلما بلغ حجّارا قوله شكاه إلى بشر بن مروان، فقال له بشر: هجوت حجّارا؟ فقال: لا واللَّه أعزّ اللَّه الأمير، ما هجوته، لكنّه كذب عليّ، فأتاه ناس من بني عجل وتهدّدوه بالقتل، فقال فيهم:

  تهدّدني عجل، وما خلت أنّني ... خلاة لعجل والصليب لها بعل⁣(⁣٥)

  وما خلتني والدهر فيه عجائب ... أعمّر حتى قد تهدّدني عجل

  وتوعدني بالقتل منهم عصابة ... وليس لهم في العزّ فرع ولا أصل

  وعجل أسود في الرخاء، ثعالب ... إذا التقت الأبطال واختلف النّبل

  فإن تلقنا عجل⁣(⁣٦) هناك فما لنا ... ولا لهم م الموت منجّى ولا وعل⁣(⁣٧)

  منعه عبد الرحمن الخروج إلى الشام

  وقال النضر في كتابه: لما منع عبد الرحمن بن أم الحكم عبد اللَّه بن الزّبير الخروج إلى الشأم، وأراد حبسه، لجأ إلى سويد بن منجوف، واستجار به، فأخرجه مع بني شيبان في بلادهم، وأجازه⁣(⁣٨) عمل ابن أمّ الحكم، فقال يمدحه:

  أليس ورائي إن بلاد تجهّمت ... سويد بن منجوف وبكر بن وائل⁣(⁣٩)

  حصون براها اللَّه لم ير مثلها ... طوال أعاليها شداد الأسافل


(١) الحضن: الجنب.

(٢) بنو عجل: قبيلة من ربيعة، وهو عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل. وفي أ، ج، ب، س

«ومن يكن ... كذلك أهل «

، وما أثبتناه عن ط، مط.

(٣) الفصح: عيد للنصارى.

(٤) صهباء: ذات صهبة بالضم: وهي حمرة أو شقرة.

(٥) الخلي: الرطب من النبات واحدته خلاة، وقيل: الخلاة كل بقلة قلعتها، والبعل من النخل: ما شرب بعروقه من غير سقي ولا ماء سماء.

(٦) في ط، مط «يوما».

(٧) في ب، س «والموت» وهو تحريف، التصويب عن ج، ط، مط. أي من الموت. والوعل: الملجأ.

(٨) أي يسر له أن يجتاز حدود ولايته.

(٩) تجهمه وتجهم له: استقبله بوجه كريه، وقوله: «وبكر بن وائل» لأن بني شيبان من بكر.