أخبار عبد الله بن الزبير ونسبه
  ابن يقال له الزّبير شاعر، فأما أبوه الزبير بن الأشيم فهو الَّذي يقول:
  ألا يا لقومي للرّقاد المؤرّق ... وللرّبع - بعد الغبطة - المتفرّق(١)
  وهمّ الفتى بالأمر من دون نيله ... مراتب صعبات على كلّ مرتقي
  ويوم بصحراء البديدين قلته ... بمنزلة النّعمان وابن محرّق
  / وذلك عيش قد مضي كان بعده ... أمور أشابت كلّ شأن ومفرق(٢)
  وغيّر ما استنكرت يا أم واصل ... حوادث إلَّا تكسر العظم تعرق(٣)
  فراق حبيب أو تغيّر حالة ... من الدهر أورام لشخصي مفوّق
  على أنني جلد صبور مرزّأ ... وهل تترك الأيام شيئا لمشفق؟
  شعر لابنه
  وأما ابنه الزّبير بن عبد اللَّه بن الزّبير، فهو القائل يمدح محمّد بن عيينة بن أسماء بن خارجة الفزاريّ:
  قالت عبيدة موهنا ... أين اعتراك الهمّ أينه(٤)
  هل تبلغنّ بك المنى ... ما كنت تأمل في عيينة
  بدر له الشّيم الكرا ... ئم كاملات فاعتلينه
  والجوع يقتله النّدى ... منه إذا قحط ترينه
  فهناك يحمده الورى ... أخلاق غيركم اشتكينه
  قال: وهو القائل في بعض بني عمّه:
  ومولى كداء البطن أو فوق دائه ... يزيد موالي الصدّق خيرا وينقص(٥)
  تلوّمت أرجو أن يثوب فيرعوي ... به الحلم حتّى استيأس المتربّص(٦)
  هروبه إلى معاوية
  وقال النضر في كتابه هذا: لما هرب ابن الزبير من عبد الرحمن بن أم الحكم إلى معاوية، أحرق عبد الرحمن دراه، فتظلَّم منه وقال: أحرق لي دارا قد قامت عليّ بمائة ألف درهم، فقال معاوية: ما أعلم بالكوفة دارا أنفق عليها هذا القدر، فمن يعرف صحة ما ادعيت؟ قال: هذا المنذر بن الجارود حاضر ويعلم ذلك، فقال معاوية
(١) أي وللربع المتفرق بعد الغبطة، فصل بين الموصوف والوصف بمعمول الوصف، وهو جائز قال تعالى: {ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ}.
والغبطة: حسن الحال والمسرة.
(٢) الشأن: موصل قبائل الرأس.
(٣) عرق العظم كنصر: أكل ما عليه من اللحم.
(٤) الموهن: نحو من نصف الليل أو بعد ساعة منه.
(٥) المولى: ابن العم. يقول: إن موالي الصدق يزيدون خيرا وهو ينقص.
(٦) تلوّم في الأمر: تمكث وانتظر كتربص. يثوب: يرجع. واستيأس: يئس.