أخبار عبد الله بن الزبير ونسبه
  للمنذر: ما عندك في هذا؟ قال: إني لم آبه(١) لنفقته على داره ومبلغها، ولكني لما دخلت الكوفة وأردت الخروج عنها، أعطاني عشرين ألف درهم وسألني أن أبتاع له بها ساجا من البصرة، ففعلت، فقال معاوية: إن دارا اشترى لها ساج بعشرين ألف درهم لحقيق أن يكون سائر نفقتها مائة ألف درهم! وأمر له بها، فلما خرجا أقبل معاوية على جلسائه، ثم قال لهم: أيّ الشيخين عندكم أكذب؟ واللَّه إني لأعرف داره، وما هي إلَّا خصاص قصب، ولكنهم يقولون فنسمع، ويخادعوننا فننخدع، فجعلوا يعجبون منه.
  مدحه إبراهيم بن الأشتر
  أخبرني الحسن بن علي ومحمّد بن يحيي قالا: حدّثنا محمّد بن زكريا الغلابيّ عن عبد اللَّه بن الضحاك، عن الهيثم بن عديّ قال: أتى عبد اللَّه / بن الزّبير إبراهيم بن الأشتر النّخعي فقال له: إني قد مدحتك بأبيات فاسمعهنّ، فقال: إني لست أعطي الشعراء، فقال: اسمعها منّي وترى رأيك، فقال: هات إذا، فأنشده قوله:
  اللَّه أعطاك المهابة والتّقى ... وأحلّ بيتك في العديد الأكثر
  وأقرّ عينك يوم وقعة خازر ... والخيل تعثر بالقنا المتكسّر(٢)
  / إنّي مدحتك إذ نبا بي منزلي ... وذممت إخوان الغنى من معشر
  وعرفت أنك لا تخيّب مدحتي ... ومتى أكن بسبيل خير أشكر
  فهلمّ نحوي من يمينك نفحة ... إن الزمان ألحّ يا بن الأشتر
  فقال: كم ترجو أن أعطيك؟ فقال: ألف درهم أصلح بها أمر نفسي وعيالي، فأمر له بعشرين ألف درهم.
  صوت
  ما هاج شوقك من بكاء حمامة ... تدعو إلى فنن الأراك حماما(٣)
  تدعو أخا فرخين صادف ضاريا ... ذا مخلبين من الصّقور قطاما(٤)
  إلا تذكَّرك الأوانس بعد ما ... قطع المطيّ سباسبا وهياما(٥)
  الشعر لثابت قطنة؛ وقيل إنه لكعب الأشقريّ، والصحيح أنه لثابت، والغناء ليحيى المكَّيّ، خفيف ثقيل أوّل بالبنصر، من رواية ابنه والهشاميّ أيضا.
(١) أي لم أحفل.
(٢) في الأصول «جازر» وهو تصحيف، وفي ج «المتكثر» وهو تحريف، وخازر: نهر بين إربل والموصل، وكانت عنده رقعة بين عبيد الَّله بن زياد وإبراهيم بن الأشتر، وكان قد خرج مع المختار بن أبي عبيد الثقفي للطلب بدم الحسين ¥، وقتل يومئذ ابن زياد سنة ٦٦ هـ.
(٣) الفنن: الغصن وفي أ، ط، مط، «على» والَّذي أثبتناه عن ب، س، ج.
(٤) صقر قطام بفتح القاف وقطاميّ بفتحها وضمها: لحم.
(٥) سباسب: جمع سبسب كجعفر، وهي الفلاة.