أخبار ثابت قطنة
  يداه يد يخزي بها اللَّه من عصى ... وفي يده الأخرى حياة المعصّب(١)
  قال: فحسده ثابت قطنة وقال: واللَّه لو على قدر شعرك أعطاك لما خرجت بملء كفّك نوّى، ولكنك أعطاك على قدره، وقام مغضبا، وقال لحاجب يزيد بن المهلَّب: إنما فعل الأمير هذا ليضع منّا بإجزاله العطيّة لمثل هذا، وإلَّا فلو أنا اجتهدنا في مديحه ما زادنا على هذا، وقال ثابت قطنة يهجو حاجبا حينئذ:
  أحاجب لولا أنّ أصلك زيّف ... وأنّك مطبوع على اللؤم والكفر(٢)
  وأنّي لو أكثرت فيك مقصّر ... رميتك رميا لا يبيد يد الدهر(٣)
  فقل لي ولا تكذب فإنّي عالم ... بمثلك هل في مازن لك من ظهر؟(٤)
  / فإنك منهم غير شك ولم يكن ... أبوك من الغرّ الجحاجحة الزّهر(٥)
  أبوك ديافيّ وأمّك حرّة ... ولكنّها لا شكّ وافية البظر(٦)
  فلست بهاج ابن ذبيان إنني ... سأكرم نفسي عن سباب ذوي الهجر(٧)
  هجاء حاجب له
  فقال حاجب: واللَّه لا أرضى بهجاء ثابت وحده، ولا بهجاء الأزد كلَّها، ولا أرضى حتى أهجو اليمن طرّا؛ فقال يهجوهم:
  دعوني وقحطانا وقولوا لثابت ... تنحّ ولا تقرب مصاولة البزل(٨)
  فللزنّج خير حين تنسب والدا ... من أبناء قحطان العفاشلة الغرل(٩)
  أناس إذا الهيجاء شبّت رأيتهم ... أذلّ على وطء الهوان من النّعل(١٠)
  نساؤهم فوضى لمن كان عاهرا ... وجيرانهم نهب الفوارس والرّجل
  شعره عن نفسه
  أخبرني وكيع قال: حدّثنا أحمد بن زهير قال: وحدّثني دعبل قال: بلغني أن ثابت قطنة قال هذا البيت في نفسه وخطر بباله يوما فقال:
(١) المعصب: الَّذي عصبته السنون أي أكلت ماله، والَّذي يتعصب بالخرق من الجوع.
(٢) في ط «زيفة» وما أثبتناه عن باقي الأصول.
(٣) يد الدهر: مد زمانه.
(٤) من ظهر: أي من أنصار وقوة. وفي ج «فإنك عالم» وهو تحريف.
(٥) الجحجح كجعفر: السيد كالجحجاح. والجمع جحاجح وجحاجحة.
(٦) دياف: من قرى الشام، وقيل من قرى الجزيرة، وأهلها نبط، وإذا عرضوا برجل أنه نبطي نسبوه إليها. وفي ب وس «ديابي»؛ وهو تحريف.
(٧) الهجر: القبيح من الكلام.
(٨) البزل جمع بازل: وهو الرجل الكامل في تجربته.
(٩) العفاشلة جمع عفشل كجعفر: وهو الثقيل الوخم. وفي ط، مط، ج؛ «التنابلة»؛ والتنبل: الرجل القصير. والغرل: جمع أغرل، وهو الَّذي لم يختن.
(١٠) الهيجاء: الحرب.