كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ثابت قطنة

صفحة 431 - الجزء 14

  يداه يد يخزي بها اللَّه من عصى ... وفي يده الأخرى حياة المعصّب⁣(⁣١)

  قال: فحسده ثابت قطنة وقال: واللَّه لو على قدر شعرك أعطاك لما خرجت بملء كفّك نوّى، ولكنك أعطاك على قدره، وقام مغضبا، وقال لحاجب يزيد بن المهلَّب: إنما فعل الأمير هذا ليضع منّا بإجزاله العطيّة لمثل هذا، وإلَّا فلو أنا اجتهدنا في مديحه ما زادنا على هذا، وقال ثابت قطنة يهجو حاجبا حينئذ:

  أحاجب لولا أنّ أصلك زيّف ... وأنّك مطبوع على اللؤم والكفر⁣(⁣٢)

  وأنّي لو أكثرت فيك مقصّر ... رميتك رميا لا يبيد يد الدهر⁣(⁣٣)

  فقل لي ولا تكذب فإنّي عالم ... بمثلك هل في مازن لك من ظهر؟⁣(⁣٤)

  / فإنك منهم غير شك ولم يكن ... أبوك من الغرّ الجحاجحة الزّهر⁣(⁣٥)

  أبوك ديافيّ وأمّك حرّة ... ولكنّها لا شكّ وافية البظر⁣(⁣٦)

  فلست بهاج ابن ذبيان إنني ... سأكرم نفسي عن سباب ذوي الهجر⁣(⁣٧)

  هجاء حاجب له

  فقال حاجب: واللَّه لا أرضى بهجاء ثابت وحده، ولا بهجاء الأزد كلَّها، ولا أرضى حتى أهجو اليمن طرّا؛ فقال يهجوهم:

  دعوني وقحطانا وقولوا لثابت ... تنحّ ولا تقرب مصاولة البزل⁣(⁣٨)

  فللزنّج خير حين تنسب والدا ... من أبناء قحطان العفاشلة الغرل⁣(⁣٩)

  أناس إذا الهيجاء شبّت رأيتهم ... أذلّ على وطء الهوان من النّعل⁣(⁣١٠)

  نساؤهم فوضى لمن كان عاهرا ... وجيرانهم نهب الفوارس والرّجل

  شعره عن نفسه

  أخبرني وكيع قال: حدّثنا أحمد بن زهير قال: وحدّثني دعبل قال: بلغني أن ثابت قطنة قال هذا البيت في نفسه وخطر بباله يوما فقال:


(١) المعصب: الَّذي عصبته السنون أي أكلت ماله، والَّذي يتعصب بالخرق من الجوع.

(٢) في ط «زيفة» وما أثبتناه عن باقي الأصول.

(٣) يد الدهر: مد زمانه.

(٤) من ظهر: أي من أنصار وقوة. وفي ج «فإنك عالم» وهو تحريف.

(٥) الجحجح كجعفر: السيد كالجحجاح. والجمع جحاجح وجحاجحة.

(٦) دياف: من قرى الشام، وقيل من قرى الجزيرة، وأهلها نبط، وإذا عرضوا برجل أنه نبطي نسبوه إليها. وفي ب وس «ديابي»؛ وهو تحريف.

(٧) الهجر: القبيح من الكلام.

(٨) البزل جمع بازل: وهو الرجل الكامل في تجربته.

(٩) العفاشلة جمع عفشل كجعفر: وهو الثقيل الوخم. وفي ط، مط، ج؛ «التنابلة»؛ والتنبل: الرجل القصير. والغرل: جمع أغرل، وهو الَّذي لم يختن.

(١٠) الهيجاء: الحرب.