أخبار ثابت قطنة
  ولا أرى أن ذنبا بالغ أحدا ... م الناس شركا إذا ما وحّدوا الصمدا(١)
  لا نسفك الدم إلَّا أن يراد بنا ... سفك الدماء طريقا واحدا جددا(٢)
  من يتّق اللَّه في الدنيا فإنّ له ... أجر التقيّ إذا وفّى الحساب غدا
  وما قضى اللَّه من أمر فليس له ... ردّ، وما يقض من شيء يكن رشدا
  كلّ الخوارج مخط في مقالته ... ولو تعبّد فيما قال واجتهدا
  أما عليّ وعثمان فإنهما ... عبدان لم يشركا باللَّه مذ عبدا
  وكان بينهما شغب وقد شهدا ... شقّ العصا، وبعين اللَّه ما شهدا(٣)
  يجزى عليّ وعثمان بسعيهما ... ولست أدري بحقّ أيّة وردا
  اللَّه يعلم ماذا يحضران به ... وكلّ عبد سليقى اللَّه منفردا
  / قال أبو الفرج: ونسخت من كتاب بخط المرهبيّ الكوفي في شعر ثابت قطنة، قال: لما ولي سعيد بن عبد العزيز(٤) بن الحارث بن الحكم بن أبي العاص بن أمية خراسان بعد عزل عبد الرحمن بن نعيم، جلس يعرض الناس وعنده حميد الرّؤاسي وعبادة المحاربي، فلما دعي بثابت قطنة تقدّم، وكان تامّ السلاح، جواد الفرس، فارسا من الفرسان، فسأله عنه، فقيل: هذا ثابت قطنة، وهو أحد فرسان الثغور، فأمضاه وأجاز على اسمه، فلما / انصرف قال له حميد وعبادة: هذا أصلحك اللَّه الَّذي يقول:
  إنا لضرّابون في حمس الوغى ... رأس الخليفة إن أراد صدودا(٥)
  فقال سعيد: عليّ به، فردّوه وهو يريد قتله، فلما أتاه قال له: أنت القائل:
  إنا لضرّابون في حمس الوغى
  قال: نعم، أنا القائل:
  إنا لضرّابون في حمس الوغى ... رأس المتوّج إن أراد صدودا
  عن طاعة الرحمن أو خلفائه ... إن رام إفسادا وكرّ عنودا
  فقال له سعيد: أولى لك، لولا أنّك خرجت منها لضربت عنقك، قال: وبلغ ثابتا ما قاله حميد وعبادة، فأتاه عبادة معتذرا، فقال [له](٦): قد قبلت عذرك، ولم يأته حميد، فقال ثابت يهجوه:
  وما كان الجنيد ولا أخوه ... حميد من رؤس في المعالي
(١) بالغ أحدا، أي بالغ من أحد.
(٢) طريق جدد: مستو.
(٣) في ب، س: الشغب. وهو تهييج الشر. وفي أ، ج، ط، مط: «الشعب». والشعب: الصدع والتفرّق. ويقال: شقوا عصا المسلمين: أي شقوا اجتماعهم وائتلافهم.
(٤) في ب، س «العزى».
(٥) حمس الأمر كفرح حمسا: اشتد.
(٦) عن «ط» وسقطت من جميع الأصول.