أخبار ثابت قطنة
  رثاؤه المفضل بن المهلب
  ونسخت منه أيضا قال: لما قتل المفضل(١) بن المهلب دخل ثابت قطنة على هند بنت المهلب، والناس حولها جلوس يعزّونها، فأنشدها:
  يا هند كيف بنصب بات يبكيني ... وعائر في سواد الليل يؤذيني(٢)
  كأنّ ليلي والأصداء هاجدة ... ليل السّليم، وأعيا من يداويني(٣)
  لمّا حنى الدهر من قوسي وعذّرني ... شيبي وقاسيت أمر الغلظ واللين(٤)
  إذا ذكرت أبا غسّان أرّقني ... همّ إذا عرّس السّارون يشجيني(٥)
  / كان المفضّل عزّا في ذوي يمن ... وعصمة وثمالا للمساكين(٦)
  ما زلت بعدك في همّ تجيش به ... نفسي وفي نصب قد كاد يبليني(٧)
  إنّي تذكَّرت قتلى لو شهدتهم ... في حومة الموت لم يصلوا بها دوني(٨)
  لا خير في العيش إن لم أجن بعدهم ... حربا تبئ بهم قتلى فيشفوني(٩)
  فقالت له هند: اجلس يا ثابت، فقد قضيت الحقّ، وما من المرثية(١٠) بدّ، وكم من ميتة ميّت أشرف من حياة حيّ، وليست المصيبة في قتل ممن استشهد ذابّا عن دينه، مطيعا لربه، وإنما المصيبة فيمن قلَّت بصيرته، وخمل ذكره بعد موته، وأرجو ألَّا يكون المفضّل عند اللَّه خاملا، يقال: إنه ما عزّي يومئذ بأحسن من كلامها.
  رده على ابن الكواء
  قال أبو الفرج: ونسخت من كتابه أيضا قال: كان ابن الكوّاء(١١) اليشكريّ مع الشّراة والمهلب يحاربهم، وكان
(١) بعد هزيمة يزيد بن المهلب وقتله - كما سيأتي بعد - اجتمع آل المهلب بالبصرة وأمروا عليهم المفضل بن المهلب، وخرجوا إلى كرمان، وبكرمان فلول كثيرة، وبعث مسلمة بن عبد الملك في طلبهم، وقد اجتمعت الفلول إلى المفضل بفارس، فأدركوهم في عقبة واشتدّ قتالهم إياه، فقتل المفضل وجماعة من خواصه، وقتل آل المهلب عن آخرهم إلا أبا عيينة بن المهلب وعثمان بن المفضل، فإنهما نجوا فلحقا برتبيل ملك الترك.
(٢) النصب بالفتح والضم وبضمتين: الداء والبلاء. والعائر: كل ما أعل العين، والرمد، والقذى كالعوّار.
(٣) الأصداء: جمع صدى، وهو الصوت. والهجود: النوم. والسليم: الملدوغ. أعيا: أعجز.
(٤) كذا في ط، مط. والَّذي في باقي الأصول:
قاسيت منه أمر الغلظ واللين
وعذرني: من عذر الدار: طمس آثارها، والمعنى: هدّني وهدمني، وفي ج «وغدرني» وهو تصحيف. والغلظ بفتح اللام وخفف هنا بتسكينها للشعر.
(٥) عرّس القوم: نزلوا في آخر الليل للاستراحة. سرى: سار ليلا، شجاه وأشجاه: أحزنه.
(٦) الثمال: الغياث الَّذي يقوم بأمر قومه. وفي ط، مط «في المساكين».
(٧) جاشت النفس: ارتفعت من حزن أو فزع. وفي ب، س، ج، ط، مط: «كاد يسليني».
(٨) في ب، س: «تذكرت فعلي» وهو تحريف. وصلَّى النار وبها: قاسى حرها.
(٩) تبئ: أباء القاتل بالقتيل: قتله.
(١٠) في ب، س (المرزنة).
(١١) في جميع الأصول «ابن الكوفي» وهو تحريف، وهو عبد اللَّه بن الكواء. لما رجع الإمام علي من صفين إلى الكوفة اعتزله جماعة ممن رأوا التحكيم ضلالا، ونزلوا حروراء بظاهر الكوفة في اثنى عشر ألفا، وأمروا على القتال شبث بن ربعي التميمي، وعلى