أخبار ثابت قطنة
  وترى مواطنهم إذا اختلف القنا ... والمشرفيّة يلتظين وقودا(١)
  فقال يزيد لما قرأ كتابه(٢): إن ثابتا لغافل عمّا نحن فيه، ولعمري لأطيعنّه، وسيرى ما يكون، فاكتبوا إليه بذلك.
  أخبرني عمّي قال: حدّثنا الكرانيّ عن العمري عن الهيثم بن عديّ قال: أنشد مسلمة بن عبد الملك بعد قتل يزيد بن المهلَّب قول ثابت قطنة:
  يا ليت أسرتك الذين تغيّبوا ... كانوا ليومك يا يزيد شهودا
  فقال مسلمة: وأنا واللَّه لوددت أنهم كانوا شهودا يومئذ، فسقيتهم بكأسه، قال: فكان مسلمة أحد من أجاب شعرا بكلام منثور فغلبه.
  خطب امرأة، فدفعه عنها جويبر بن سعيد
  أخبرني محمّد بن خلف بن المرزبان قال: حدّثني عبيد اللَّه بن أحمد بن محمّد الكوفي قال: حدّثني محمّد القحذميّ عن سليمان بن ناصح الأسدي قال: خطب / ثابت قطنة امرأة كان يميل إليها، فجعل السفير بينه وبينها جويبر بن سعيد المحدّث، فاندسّ فخطبها لنفسه، فتزوّجها ودفع عنها ثابتا، فقال ثابت حين بان له الأمر(٣):
  أفشى عليّ مقالة ما قلتها ... وسعى بأمر كان غير سديد
  إني دعوت اللَّه حين ظلمتني ... ربّي وليس لمن دعا ببعيد
  أن لا تزال متيّما بخريدة ... تسبي الرجال بمقلتين وجيد(٤)
  حتى إذا وجب الصّداق تلبّست ... لك جلد أغضف بارز بصعيد(٥)
  تدعو عليك الحاريات مبرّة(٦) ... فترى الطلاق وأنت غير حميد
  قال: فلقى جويبر كلّ ما دعا عليه ثابت به، ولحقه من المرأة كلّ شرّ وضرّ حتى طلَّقها بعد أن قبضت صداقها منه.
  رثاؤه يزيد بن المهلب
  أخبرني جعفر بن قدامة قال: حدّثني حماد بن إسحاق عن أبيه قال: كان ثابت قطنة مع يزيد بن المهلَّب في يوم العقر(٧)، فلمّا خذله أهل العراق وفروا عنه فقتل، قال ثابت قطنة يرثيه:
  كل القبائل با يعوك على الَّذي ... تدعو إليه وتابعوك وساروا
(١) القنا: الرماح. والمشرفية: السيوف نسبة إلى مشارف الشام. التظت وتلظت: تلهبت وتوقدت.
(٢) في ب، س: «الكتاب».
(٣) كذا في ط، مط. وفي باقي الأصول «فحين بان الأمر قال».
(٤) تيمه الحب: عبده وذلله، والخريدة: البكر الَّتي لم تمسس.
(٥) في ب وس: «تلعبت». والأغضف: الكلب.
(٦) مبرة: غالبة قاهرة. وفي ب، س «بنكبة».
(٧) العقر: موضع ببابل قرب كربلاء من الكوفة، كانت فيه الوقعة بين مسلمة بن عبد الملك وبين يزيد بن المهلب، وفيه قتل يزيد.