كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار كعب الأشقري ونسبه

صفحة 442 - الجزء 14

  وقد تركت بشطَّ الزّابيين لها ... دارا بها يسعد البادون والحضر⁣(⁣١)

  واخترت دارا بها قوم أسرّ بهم ... ما زال فيهم لمن تختارهم خير

  أبا سعيد فإني سرت منتجعا ... وطالب الخير مرتاد ومنتظر⁣(⁣٢)

  لولا المهلَّب ما زرنا بلادهم ... ما دامت الأرض فيها الماء والشجر

  وما من الناس من حيّ علمتهم ... إلَّا يرى فيهم من سيبكم أثر⁣(⁣٣)

  وهي قصيدة طويلة قد ذكرها الرّواة في الخبر، فتركت ذكرها لطولها⁣(⁣٤)، يقول فيها:

  فما يجاوز باب الجسر من أحد ... قد عضّت الحرب أهل المصر فانجحروا⁣(⁣٥)

  كنّا نهوّن قبل اليوم⁣(⁣٦) شأنهم ... حتى تفاقم أمر كان يحتقر

  لمّا وهنّا وقد حلَّوا بساحتنا ... واستنفر الناس تارات فما نفروا⁣(⁣٧)

  نادى امرؤ لا خلاف في عشيرته ... عنه وليس به عن مثلها قصر

  / حتى انتهى إلى قوله بعد وصفه وقائعهم مع المهلَّب في بلد بلد، فقال:

  خبّوا كمينهم بالسّفح إذ نزلوا ... بكازرون فما عزّوا وما نصروا⁣(⁣٨)

  باتت كتائبنا تردى مسوّمة ... حول المهلَّب حتى نوّر القمر⁣(⁣٩)

  هناك ولَّوا خزايا بعد ما هزموا ... وحال دونهم الأنهار والجدر⁣(⁣١٠)

  تأبى علينا حزازات النفوس فما ... نبقي عليهم ولا يبقون إن قدروا

  فضحك الحجاج وقال له: إنك لمنصف يا كعب، ثم قال الحجّاج: أخطيب أنت أم شاعر؟ فقال: شاعر وخطيب.

  فقال له: / كيف كانت حالكم مع عدوّكم؟ قال: كنا إذا لقيناهم بعفونا وعفوهم، فعفوهم تأنيس منهم، فإذا لقيناهم بجهدنا وجهدهم طمعنا فيهم، قال: فكيف كان بنو المهلب؟ قال: حماة للحريم⁣(⁣١١) نهارا، وفرسان بالليل أيقاظا، قال: فأين السماع من العيان؟ قال: السماع دون العيان، قال: صفهم رجلا رجلا، قال: المغيرة فارسهم وسيّدهم،


(١) الزابيان: نهران أسفل الفرات بين الموصل وتكريت.

(٢) أبو سعيد: كنية المهلب. وانتجع: طلب الكلأ في موضعه، وانتجعه، أتاه طالبا معروفه.

(٣) السيب: العطاء.

(٤) أوردها الطبري في «تاريخه»، وعدّتها ثلاثة وثمانون بيتا.

(٥) في ب، س «فانحجروا» وهو تصحيف.

(٦) ح ب، س «قبل الموت».

(٧) وهنا: ضعفنا. استنفر القوم فنفروا معه، أي استنجدهم واستنصرهم فنصروه.

(٨) رواية الطبري «عبوا جنودهم» وكازرون: مدينة بفارس بين البحرين وشيراز.

(٩) ردى الفرس كرمى: عدا فرجم الأرض بحوافره. والكتيبة: جماعة من الخيل إذا أغارت، من المائة إلى الألف، الخيل المسوّمة:

المرسلة وعليها ركبانها، أو المعلمة الَّتي عليها السومة وهي العلامة.

(١٠) في ط، مط «هناك ولوا جراحا بعد ما هزموا» وفي ب، س «هناك ولوا جراحا بعد ما هربوا».

(١١) كذا في ط، مط. والَّذي في باقي الأصول «للغريم».