كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار كعب الأشقري ونسبه

صفحة 444 - الجزء 14

  ملوك ينزلون بكلّ ثغر ... إذا ما الهام يوم الرّوع طارا⁣(⁣١)

  رزان في الأمور ترى عليهم ... من الشّيخ الشمائل والنجارا⁣(⁣٢)

  نجوم يهتدى بهم إذا ما ... أخو الظَّلماء في الغمرات حارا⁣(⁣٣)

  وهذه الأبيات من القصيدة الَّتي أوّلها:

  طربت وهاج لي ذاك ادّكارا

  الَّتي فيها الغناء.

  تهاجيه وزياد الأعجم

  أخبرني محمّد بن الحسين الكندي قال: حدّثنا غسّان بن ذكوان الأهوازي قال: ذكر العتبيّ أن زيادا الأعجم هاجى كعبا الأشقريّ، واتصل الهجاء بينهما، ثم غلبه زياد، وكان سبب ذلك أنّ شرّا وقع بين الأزد وبين عبد القيس، وحربا سكَّنها المهلَّب وأصلح بينهم، وتحمّل ما أحدثه كلّ فريق على الآخر، وأدّى دياته، فقال كعب يهجو عبد القيس:

  /

  إنّي وإن كنت فرع الأزد قد علموا ... أخزى إذا قيل عبد القيس أخوالي

  / فهم أبو مالك بالمجد شرّفني ... ودنّس العبد عبد القيس سربالي

  قال: فبلغ قوله زيادا الأعجم فغضب وقال: يا عجبا للعبد بن العبد بن الحيتان والسّرطان⁣(⁣٤)، يقول هذا في عبد القيس، وهو يعلم موضعي فيهم! واللَّه لأدعنّه وقومه غرضا لكل لسان، ثم قال يهجوه:

  نبّئت أشقر تهجونا فقلت لهم ... ما كنت أحسبهم كانوا ولا خلقوا

  لا يكثرون وإن طالت حياتهم ... ولو يبول عليهم ثعلب غرقوا

  قوم من الحسب الأدنى بمنزلة ... كالفقع بالقاع لا أصل ولا ورق⁣(⁣٥)

  إنّ الأشاقر قد أضحوا بمنزلة ... لو يرهنون بنعلي عبدنا غلقوا⁣(⁣٦)

  قال: وقال فيه أيضا:

  هل تسمع الأزد ما يقال لها ... في ساحة الدّار أم بها صمم؟

  اختتن القوم بعد ما هرموا ... واستعربوا ضلَّة وهم عجم⁣(⁣٧)


(١) الهام: جمع هامة، وهي الرأس.

(٢) رزان: جمع رزين. الشمائل: جمع شمال بالكسر، وهو الطبع. والنجار: الأصل والحسب.

(٣) كذا في جميع الأصول. والَّذي في ابن أبي الحديد. «أخو الغمرات في الظلماء» والغمرات الشدائد.

(٤) السرطان: دابة تسمى عقرب الماء.

(٥) رواية «العقد الفريد»:

وهم من الحسب الزاكي بمنزلة ... كطحلب الماء لا أصل ولا ورق

(٦) غلق الرهن كفرح: استحقه المرتهن إذا لم يفك في الوقت المشروط.

(٧) الضلة: الحيرة.