كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار كعب الأشقري ونسبه

صفحة 446 - الجزء 14

  حيّان مالهما في الأزد مأثرة ... غير النّواكة والإفراط في الهذر⁣(⁣١)

  واجعل لكيزا وراء الناس كلَّهم ... أهل الفساء وأهل النّتن والقذر

  قوم علينا ضباب من فسائهم ... حتى ترانا له ميدا من السّكر⁣(⁣٢)

  أبلغ يزيد بأنّا ليس ينفعنا ... عيش رغيد ولا شيء من العطر

  حتى تحلّ لكيزا فوق مدرجة ... من الرّياح على الأحياء من مضر⁣(⁣٣)

  ليأخذوا لنزار حظَّ سبّتها ... كما أخذنا بحظَّ الحلف والصّهر

  شعره في المهلب أمام رسول الحجاج

  أخبرني محمّد بن خلف وكيع قال: حدّثنا أحمد بن زهير بن حرب قال: حدّثنا أبي قال: كتب الحجاج بن يوسف إلى المهلَّب يأمره بمناجزة الأزارقة ويستبطئة ويضعّفه، ويعجّزه في تأخيره أمرهم ومطاولتهم⁣(⁣٤)، فقال المهلَّب لرسوله: قل له: إنّما البلاء أنّ الأمر إلى من يملكه لا إلى من يعرفه، فإن كنت نصبتني لحرب هؤلاء القوم على أن أدبّرها كما أرى، فإن أمكنتني الفرصة انتهزتها، وإن لم تمكنّى / [توقّفت]⁣(⁣٥)، فأنا أدبر ذلك بما يصلحه، وإن أردت منّي أن أعمل [وأنا حاضر]⁣(⁣٥) برأيك وأنت غائب، فإن كان صوابا فلك، وإن كان خطأ فعليّ، فابعث من رأيت مكاني، وكتب من فوره بذلك إلى عبد الملك، فكتب إليه عبد الملك: لا تعارض المهلَّب فيما يراه ولا تعجله، ودعه يدبّر أمره، وقام الأشقريّ إلى المهلَّب فأنشده بحضرة رسول الحجاج:

  إن ابن يوسف غرّه من غزوكم ... خفض المقام بجانب الأمصار

  لو شاهد الصّفّين حين تلاقيا ... ضاقت عليه رحيبة الأقطار

  من أرض سابور الجنود، وخيلنا ... مثل القداح بريتها بشفار⁣(⁣٦)

  من كلّ خنذيذ يرى بلبانه ... وقع الظَّباة مع القنا الخطَّار⁣(⁣٧)

  ورأى معاودة الرّباع غنيمة ... أزمان كان محالف الإقتار

  فدع الحروب لشيبها وشبابها ... وعليك كلّ خريدة معطار⁣(⁣٨)

  فبلغت أبياته الحجّاج، فكتب إلى المهلب يأمره بإشخاص كعب الأشقري إليه، فأعلم المهلَّب كعبا بذلك، وأوفده إلى عبد الملك [من تحت ليلته، وكتب إليه يستوهبه منه، فقدم كعب على عبد الملك]⁣(⁣٩)، واستنشده


(١) المأثرة بفتح الثاء وضمها: المكرمة المتوارثة، والنواكة: الحماقة والهذر: سقط الكلام.

(٢) الميد: ما يصيب الإنسان من الدوار من السكر أو الغثيان أو ركوب البحر. وقد ماد فهو مائد من قوم ميدي كسكري.

(٣) لكيز: من عبد القيس، من سلالة ربيعة بن نزار أخي مضر بن نزار. المدرجة: الطريق يدرج فيها أي يمشي.

(٤) كذا في ط، مط. والَّذي في باقي الأصول: «ومطالبتهم».

(٥) ما بين القوسين ساقط من ب، س، ج، وقد أثبتناه عن ط، مط، مب، ها.

(٦) سابور: كورة بفارس.

(٧) اللبان: الصدر أو وسطه. والظباة: جمع ظبة، وهي حد السيف. ورمح خطار: ذو اهتزاز شديد.

(٨) امرأة معطار: اعتادت أن تتعهد نفسها بالطيب وتكثر منه.

(٩) هذه التكملة ساقطة من ب، س، ج. وقد أثبتناه عن ط، مط، مب، ها.