أخبار كعب الأشقري ونسبه
  حيّان مالهما في الأزد مأثرة ... غير النّواكة والإفراط في الهذر(١)
  واجعل لكيزا وراء الناس كلَّهم ... أهل الفساء وأهل النّتن والقذر
  قوم علينا ضباب من فسائهم ... حتى ترانا له ميدا من السّكر(٢)
  أبلغ يزيد بأنّا ليس ينفعنا ... عيش رغيد ولا شيء من العطر
  حتى تحلّ لكيزا فوق مدرجة ... من الرّياح على الأحياء من مضر(٣)
  ليأخذوا لنزار حظَّ سبّتها ... كما أخذنا بحظَّ الحلف والصّهر
  شعره في المهلب أمام رسول الحجاج
  أخبرني محمّد بن خلف وكيع قال: حدّثنا أحمد بن زهير بن حرب قال: حدّثنا أبي قال: كتب الحجاج بن يوسف إلى المهلَّب يأمره بمناجزة الأزارقة ويستبطئة ويضعّفه، ويعجّزه في تأخيره أمرهم ومطاولتهم(٤)، فقال المهلَّب لرسوله: قل له: إنّما البلاء أنّ الأمر إلى من يملكه لا إلى من يعرفه، فإن كنت نصبتني لحرب هؤلاء القوم على أن أدبّرها كما أرى، فإن أمكنتني الفرصة انتهزتها، وإن لم تمكنّى / [توقّفت](٥)، فأنا أدبر ذلك بما يصلحه، وإن أردت منّي أن أعمل [وأنا حاضر](٥) برأيك وأنت غائب، فإن كان صوابا فلك، وإن كان خطأ فعليّ، فابعث من رأيت مكاني، وكتب من فوره بذلك إلى عبد الملك، فكتب إليه عبد الملك: لا تعارض المهلَّب فيما يراه ولا تعجله، ودعه يدبّر أمره، وقام الأشقريّ إلى المهلَّب فأنشده بحضرة رسول الحجاج:
  إن ابن يوسف غرّه من غزوكم ... خفض المقام بجانب الأمصار
  لو شاهد الصّفّين حين تلاقيا ... ضاقت عليه رحيبة الأقطار
  من أرض سابور الجنود، وخيلنا ... مثل القداح بريتها بشفار(٦)
  من كلّ خنذيذ يرى بلبانه ... وقع الظَّباة مع القنا الخطَّار(٧)
  ورأى معاودة الرّباع غنيمة ... أزمان كان محالف الإقتار
  فدع الحروب لشيبها وشبابها ... وعليك كلّ خريدة معطار(٨)
  فبلغت أبياته الحجّاج، فكتب إلى المهلب يأمره بإشخاص كعب الأشقري إليه، فأعلم المهلَّب كعبا بذلك، وأوفده إلى عبد الملك [من تحت ليلته، وكتب إليه يستوهبه منه، فقدم كعب على عبد الملك](٩)، واستنشده
(١) المأثرة بفتح الثاء وضمها: المكرمة المتوارثة، والنواكة: الحماقة والهذر: سقط الكلام.
(٢) الميد: ما يصيب الإنسان من الدوار من السكر أو الغثيان أو ركوب البحر. وقد ماد فهو مائد من قوم ميدي كسكري.
(٣) لكيز: من عبد القيس، من سلالة ربيعة بن نزار أخي مضر بن نزار. المدرجة: الطريق يدرج فيها أي يمشي.
(٤) كذا في ط، مط. والَّذي في باقي الأصول: «ومطالبتهم».
(٥) ما بين القوسين ساقط من ب، س، ج، وقد أثبتناه عن ط، مط، مب، ها.
(٦) سابور: كورة بفارس.
(٧) اللبان: الصدر أو وسطه. والظباة: جمع ظبة، وهي حد السيف. ورمح خطار: ذو اهتزاز شديد.
(٨) امرأة معطار: اعتادت أن تتعهد نفسها بالطيب وتكثر منه.
(٩) هذه التكملة ساقطة من ب، س، ج. وقد أثبتناه عن ط، مط، مب، ها.