كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار العباس بن مرداس ونسبه

صفحة 460 - الجزء 14

  بهريم، ثم إن أبا حليس النّصريّ لقي خويلدا قاتل هريم فقتله، فقال بنو نصر: بؤ⁣(⁣١) بدم فلان النصريّ - رجل كانت خزاعة قتلته - فقال أبو الحليس: لا، بل هو بؤ بدم هريم بن مرداس، وبلغ العبّاس، فقال يمدحه بقوله:

  أتاني من الأنباء أنّ ابن مالك ... كفى ثائرا من قومه من تغبّبا⁣(⁣٢)

  [ويلقاك ما بين الخميس خويلد ... أرى عجبا بل قتله كان أعجبا]⁣(⁣٣)

  فدى لك أمّي إذ ظفرت بقتله ... وأقسم أبغي عنك أمّا ولا أبا⁣(⁣٤)

  فمثلك أدّى نصرة القوم عنوة ... ومثلك أعيا ذا السّلاح المجرّبا

  خروجه لحرب بني نصر

  قال أبو عبيدة: أغارت بنو نصر⁣(⁣٥) بن معاوية على ناحية من أرض بني سليم، فبلغ ذلك العبّاس بن مرداس، فخرج إليهم في جمع من قومه، فقاتلهم حتى أكثر فيهم القتل، وظهرت عليهم بنو سليم، وأسروا ثلاثين رجلا منهم، وأخذت بنو نصر فرسا للعبّاس عائرة⁣(⁣٦) يقال لها زرّة⁣(⁣٧)، فانطلق بها عطية⁣(⁣٨) بن سفيان النّصري - وهو يومئذ رئيس القوم - فقال في ذلك العباس:

  أبى قومنا إلا الفرار ومن تكن ... هوازن مولاه من الناس يظلم⁣(⁣٩)

  / أغار علينا جمعهم بين ظالم ... وبين ابن عمّ كاذب الودّ أيهم⁣(⁣١٠)

  كلاب وما تفعل كلاب فإنّها ... وكعب سراة البيت ما لم تهدّم⁣(⁣١١)

  فإن كان هذا صنعكم فتجرّدوا ... لألفين منّا حاسر وملأَّم⁣(⁣١٢)

  وحرب إذا المرء السّمين تمرّست ... بأعطافه بالسيف لم يترمرم⁣(⁣١٣)

  ولم أحتسب سفيان حتى لقيته ... على مأقط إذ بيننا عطر منشم⁣(⁣١٤)


(١) أي خويلد بؤ. يقال: باء دمه بدمه بوءا وبواء: عدله.

(٢) ثائرا، أي آخذ بالثأر.

(٣) تكملة عن «ها».

(٤) أبغي: لا أبغي.

(٥) هم بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة ... فهم وبنو سليم أبناء عم.

(٦) يريد: شاردة وضالة، من قولهم: أصابه سهم عائر أي لا يدري من رماه.

(٧) في الأصول: «زورة» وهو تحريف، وصوابه ما أثبتنا كما في (تاج العروس).

(٨) في ب، س «غبطة» وصوابه ما أثبتنا كما في ها.

(٩) أبى قومنا: يريد بني عمهم بني نصر. يظلم، أي يتعرّض للظلم والعدوان عليه لضعفهم عن نصرته والذود عنه.

(١٠) الأيهم: من لا عقل له ولا فيهم.

(١١) كلاب وكعب: هما ابنا ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن. وسراة كل شيء: أعلاه وظهره ووسطه.

(١٢) رجل حاسر: لا درع عليه ولا بيضة على رأسه. وملَّاءم: عليه لأمة، وهي الدرع، والسلاح وأداة الحرب.

(١٣) تمرّس به: احتك به. وترمرم: حرّك فاه للكلام.

(١٤) المأقط: المضيق الَّذي يقتتلون فيه. ومنشم: امرأة كانت عطارة بمكة، وكانوا إذا أرادوا القتال وتطيبوا بطيبها كثرت فيهم القتلى، فضربوا بها المثل في الشؤم فقالوا: أشأم من عطر منشم.