كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار العباس بن مرداس ونسبه

صفحة 461 - الجزء 14

  فقلت وقد صاح النساء خلالهم ... لخيلي شدّي إنهم قوم لهذم⁣(⁣١)

  فما كان تهليل لدن أن رميتهم ... بزرّة ركضا حاسرا غير ملجم

  إذا هي صدّت نحرها عن رماحهم ... أقدّمها حتى تنعّل بالدم

  وما زال منهم رائغ عن سبيلها ... وآخر يهوي لليدين وللفم⁣(⁣٢)

  لدن غدوة حتى استبيحوا عشيّة ... وذلَّوا فكانوا لحمة المتلحّم⁣(⁣٣)

  فآبوا بها عرفا وألقيت كلكلي ... على بطل شاكي السّلاح مكلَّم⁣(⁣٤)

  / ولن يمنع الأقوام إلَّا مشايح ... يطارد في الأرض الفضاء ويرتمي⁣(⁣٥)

  / قال: ثم إن العبّاس بن مرداس جمع الأسارى من بني نصر - وكانوا ثلاثين رجلا - فأطلقهم، وظن أنّهم سيثيبونه بفعله، وأنّ سفيان سيرد عليه فرسه زرّة، فلم يفعلوا، فقال في ذلك:

  أزرّة خير أم ثلاثون منكم ... طليقا رددناه إليكم مسلَّما⁣(⁣٦)

  قال: وجعل العباس يهجو بني نصر، فبلغه أن سفيان بن عبد يغوث يتوعّده في ذلك، فلقيه عبّاس في المواسم، فقال له سفيان: واللَّه لتنتهينّ أو لأصرمنّك، فقال عباس:

  أتوعدني بالصّرم إن قلت اوفني ... فأوف وزد في الصّرم لهزمة النتن⁣(⁣٧)

  وقال العباس أيضا فيه:

  ألا من مبلغ سفيان عنّي ... وظنّي أن سيلغه الرسول

  ومولاه عطيّه أنّ قيلا ... خلا منّي وأن قد بات قيل⁣(⁣٨)

  سئمتم ربّكم وكفرتموه ... وذلكم بأرضكم جميل⁣(⁣٩)

  ألا توفي كما أوفى شبيب ... فحلّ له الولاية والشّمول

  أبوه كان خيركم وفاء ... وخيركم إذا حمد الجميل

  ألام على الهجاء وكلّ يوم ... تلاقيني من الجيران غول⁣(⁣١٠)


(١) اللهذم: القاطع من الأسنة ألهذوم ذوو لهاذم.

(٢) راغ: مال وحاد.

(٣) المتلحم: يريد طالب اللحم ومشتهيه.

(٤) العرف: اسم من الاعتراف، أي آبوا معترفين بالهزيمة. والكلكل: الصدر. شاكي السلاح: ذو شوكة وحد في سلاحه، مكلَّم:

مجرّح.

(٥) شايح: قاتل، وجدّ في الأمر. وفي الأصول

«مشايخ ... تطاردن «

وهو تصحيف. ارتموا: تراموا.

(٦) في الأصول «طليق» وهو تحريف، والفصل بين العدد وتمييزه ضرورة، كقوله:

ثلاثون للهجر حولا كميلا

(٧) اللهزمتان: عظمان ناتئان في اللحيين تحت الأذنين، يريد يا رأس النتن وأصله.

(٨) القيل: القول، أو القول في الشر. خلا: مضى.

(٩) في ب، س «شتمتم» والتصويب عن ج.

(١٠) الغول: الهلكة والداهية.