أخبار حماد عجرد ونسبه
  السّخل غرّ وهمّ الذئب فرصته ... والذئب يعلم ما في السّخل من طيب(١)
  فلمّا قرأ هذين البيتين قال: انظروا لا يكون هذا المؤدّب لوطيّا، ثم قال: انفوه عن الدار، فأخرج عنها، وجئ بمؤدّب غيره، ووكَّل به تسعون خادما يتناوبون، يحفظون الصبيّ، فخرج قطرب هاربا مما شهر به إلى عيسى بن إدريس العجلي بن أبي دلف فأقام معه بالكرج إلى أن مات.
  / أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدّثنا أحمد بن الحارث، عن المدائنيّ قال: لمّا قال حمّاد عجرد في بشّار:
  ويا أقبح من قرد ... إذا ما عمي القرد
  قال بشّار: لا إله إلَّا اللَّه، قد واللَّه كنت أخاف أن يأتي به، واللَّه لقد وقع لي هذا البيت منذ أكثر من عشرين سنة، فما نطقت به خوفا من أن يسمع فأهجى به، حتى وقع عليه النّبطيّ ابن الزانية.
  كان أبو حنيفة صديقا له
  قال أبو الفرج: نسخت من كتاب عبد اللَّه بن المعتزّ، حدّثني العجليّ قال: حدّثني أبو دهمان قال: كان أبو حنيفة الفقيه صديقا لحمّاد عجرد، فنسك أبو حنيفة وطلب الفقه، فبلغ(٢) فيه ما بلغ ورفض حمّادا وبسط لسانه فيه، فجعل حمّاد يلاطفه حتى يكفّ عن ذكره، وأبو حنيفة يذكره، فكتب إليه حمّاد بهذه الأبيات:
  إن كان نسكك لا يتمّ ... بغير شتمي وانتقاصي
  / أو لم تكن إلَّا به ... ترجو النجاة من القصاص
  فاقعد وقم بي كيف(٣) شئ ... ت مع الأداني والأقاصي
  فلطالما زكَّيتني ... وأنا المقيم على المعاصي
  أيّام تأخذها وتع ... طي في أباريق الرّصاص
  قال: فأمسك أبو حنيفة | بعد ذلك عن ذكره خوفا من لسانه.
  كان يحيى بن زياد صديقا له
  وقد أخبرني بهذا الخبر محمّد بن خلف وكيع قال: حدّثنا حماد بن إسحاق عن أبيه عن النّضر بن حديد قال:
  كان حمّاد عجرد صديقا ليحيى بن زياد، [وكانا يتنادمان ويجتمعان على ما يجتمع عليه مثلهما، ثم إن يحيى بن زياد(٤)] أظهر تورّعا / وقراءة ونزوعا عمّا كان عليه، وهجر حمّادا وأشباهه، فكان إذا ذكر عنده ثلبه وذكر تهتّكه ومجونه، فبلغ ذلك حمّادا، فكتب إليه:
  هل تذكرن دلجي إلي ... ك على المضمّرة القلاص(٥)
(١) في ب، س «وهم الناس».
(٢) ساقطة من ب، س.
(٣) في «ها» «حيث».
(٤) تكملة عن ط، مط، ها، مب. وسقطت من ب، س، ج.
(٥) الدلج: السير من أوّل الليل. وفي ط، مط «المضبّرة». والمضبّرة: المكتنزة اللحم. والقلوص من الإبل: الشابة أو الباقية على السير، والجمع قلائص وقلص، وجمع الجمع قلاص.