أخبار حريث ونسبه
  مر بنسوة فضحكن منه فقال شعرا
  وقال أبو عمرو: مرّ ابن عنّاب بعدما أسنّ بنسوة من بني قليع وهو يتوكَّأ على عصا / فضحكن منه، فوقف عليهنّ وأنشأ يقول:
  هزئت نساء بني قليع أن رأت ... خلق القميص على العصا يتركَّع
  وجعلنني هزؤا ولو يعرفنني ... لعلمن أنّي عند ضيمي أروع(١)
  خير إغارته على قوم من بني أسد
  قال أبو عمرو: وكان حريث بن عنّاب أغار على قوم من بني أسد فاستاق إبلا لهم، فطلبه السلطان، فهرب من نواحي المدينة وخيبر إلى جبلين في بلاد طيئ يقال لهما: مرّى والشّموس حتى غزم عنه قومه ما طلب، ثم عاود وقال في ذلك:
  إذا الدّين أودى بالفساد فقل له ... يدعنا وركنا من معدّ نصادمه
  ببيض خفاف مرهفلت قواطع ... لداود فيها أثره وخواتمه(٢)
  وزرق كستها ريشها مضر حيّة ... أثيت خوافي ريشها وقوادمه(٣)
  إذا ما خرجنا خرّت الأكم سجّدا ... لعزّ علا حيزومه وعلاجمه(٤)
  / إذا نحن سرنا بين شرق ومغرب ... تحرّك يقظان التّراب ونائمه
  وتفزع منّا الإنس والجنّ كلَّها ... ويشرب مهجور المياه وعائمه
  ستمنع مرّى والشّموس أخاهما ... إذا حكم السلطان حكما يضاجمه
  يميل فيه. ويروى: يصاحمه، وقال أبو عمرو: يصاحمه: يزاحمه. والأصحم منه مأخوذ.
  إلى هنا انتهى الجزء الرابع عشر من كتاب الأغاني ويليه إن شاء اللَّه تعالى الجزء الخامس عشر منه وأوّله أخبار جعفر بن الزبير ونسبه
(١) الأروع: الَّذي يروعك بشجاعته.
(٢) أثر السيف: فرنده وجوهره ووشيه.
(٣) الزرق: النصال. والمضرحية: جمع مضرحيّ، وهو النسر أو السيد الكريم. والأثيث: الكثير العظم. والخوافي: ريشات إذا ضم الطائر جناحيه خفيت. والقوادم: أربع أو عشر ريشات في مقدّم الجناح.
(٤) الحيزوم هنا: الغليظ من الأرض أو المرتفع منها. العلاجم: جمع علجم وهو الطويل من الإبل.