ذكر أخبار بصبص جارية ابن نفيس وأخبارها
  بكر بن محمد بن عثمان الربعي، ويحيى بن عقبة، أن يأتوا بصبص جارية ابن نفيس، فعجل محمد بن يحيى، وكان من أصحاب عيسى بن موسى، ليخرج إلى الكوفة، فقال عبد اللَّه بن مصعب.
  أرائح أنت أبا جعفر ... من قبل أن تسمع من بصبصا
  هيهات أن تسمع منها إذا ... جاوزت العيس بك الأعوصا(١)
  فخذ عليها مجلسي لذّة ... ومجلسا من قبل أن تشخصا(٢)
  أحلف باللَّه يمينا ومن ... يحلف باللَّه فقد أخلصا
  لو أنّها تدعو إلى بيعة ... بايعتها ثمّ شققت العصا(٣)
  قال: وفيها(٤) غناء لبصبص.
  قال: فاشتراها أبو غسّان مولى منيرة للمهديّ بسبعة عشر ألف دينار.
  / قال حمّاد: وحدّثني أبي عن الزبير أن عبد اللَّه بن مصعب خاطب بهذا الشعر أبا جعفر المنصور لما حجّ فاجتاز بالمدينة منصرفا من الحجّ، لا أبا جعفر محمد بن يحيى بن زيد.
  غضب المنصور على عبد اللَّه بن مصعب في إعجابه بها:
  أخبرني إسماعيل بن يونس الشّيعي إجازة قال: حدّثنا عمر بن شبّة قال: حدّثني محمد بن سلام قال: حدّثني موسى بن مهران قال: كانت بالمدينة قينة لآل نفيس بن محمد يقال لها بصبص، وكان مولاها صاحب قصر نفيس الذي يقول فيه الشاعر:
  شاقني الزائرات قصر نفيس ... مثقلات الأعجاز قبّ البطون(٥)
  قال: وكان عبد اللَّه بن مصعب بن ثابت بن عبد اللَّه بن الزبير يأتيها، فيسمع منها، وكان يأتيها فتيان من قريش فيسمعون منها، فقال عبد اللَّه بن مصعب حين قدم المنصور منصرفا من الحجّ ومرّ بالمدينة يذكر بصبص:
  أراحل أنت أبا جعفر ... من قبل أن تسمع من بصبصا
  وذكر الأبيات، فبلغت أبا جعفر، فغضب فدعا به؛ فقال: أما إنكم يا آل الزبير قديما ما قادتكم النساء، وشققتم معهنّ العصا، حتّى صرت أنت آخر الحمقى تبايع المغنّيات؛ فدونكم يا آل / الزبير هذا المرتع الوخيم(٦).
  قال: ثمّ بلغ أبا جعفر بعد ذلك أنّ عبد اللَّه بن مصعب قد اصطبح(٧) مع بصبص وهي تغنّيه بشعره:
(١) الأعوص: موضع قرب المدينة.
(٢) تشخص: تذهب من بلد إلى بلد.
(٣) شق العصا: كناية عن الخلاف، ومفارقة الجماعة.
(٤) ط، مط: «وفيه».
(٥) القب: جمع أقب وقباء، وهو الضامر البطن.
(٦) دونك هذا، أي خذه، صيغة للإغراء.
(٧) اصطبح: شرب الصبوح، وهو شرب الصباح.