ذكر أحيحة بن الجلاح ونسبه وخبره والسبب الذي من أجله قال الشعر
  اشترها يا أبا أيوب(١)، فإنّ البيع مرتخص وغال. فأرسلها مثلا. فقال له قيس: فما تكره من استلامتك إلى بني عامر؟ قال: كيف لا أكره ذلك وخالد بن جعفر الذي يقول:
  إذا ما أردت العزّ في آل يثرب ... فناد بصوت يا أحيحة تمنع(٢)
  رأيت أبا عمرو أحيحة جاره ... يبيت قرير العين غير مروّع
  / ومن يأته من خائف ينس خوفه ... ومن يأته من جائع الجوف(٣) يشبع
  فضائل كانت للجلاح قديمة ... وأكرم بفخر من خصالك الأربع
  فقال قيس: وما عليك بعد ذلك من لوم. فلها عنه ثم عاوده فساومه، فغضب أحيحة وقال له: بت عندي.
  فبات عنده، فلمّا شرب تغنّى أحيحة وقيس يسمع:
  ألا يا قيس لا تسمنّ درعي ... فما مثلي يساوم بالدّروع(٤)
  فلولا خلَّة لأبي جويّ ... وأنّي لست عنها بالنّزوع
  لأبت بمثلها عشر وطرف ... لحوق الإطل جيّاش تليع(٥)
  ولكن سمّ ما أحببت فيها ... فليس بمنكر غبن البيوع(٦)
  فما هبة الدّروع أخا بغيض ... ولا الخيل السّوابق بالبديع(٧)
  و / قال: فأمسك بعد ذلك عن مساومته:
  إسحاق الموصلي وسؤاله حفيد معبد عن غناء جدّه:
  أخبرنا يحيى بن علي بن يحيى قال: حدّثني أخي أحمد بن عليّ عن عافية بن شبيب، قال: حدّثني أبو جعفر الأسدي، عن إسحاق بن إبراهيم الموصلي، وأخبرنا به إسماعيل بن يونس الشيعي إجازة، عن عمر بن شبّة عن إسحاق قال:
  دعاني الفضل بن الربيع يوما فأتيته، فإذا عنده شيخ حجازيّ حسن الوجه والهيئة، فقال لي: أتعرف هذا؟
  قلت: لا. قال: هذا ابن أنيسة بنت معبد، فسله عمّا أحببت من غناء جدّه. فقلت: يا أخا أهل الحجاز، كم غناء جدّك؟ قال: ستّون صوتا. ثم غناني:
  ما أحسن الجيد من مليكة وال ... - لَّبّات إذ زانها ترائبها
(١) ما عدا ط، ح، مب، مط: «ابتزها». والابتزاز: الاستلاب، وليس مرادا هنا.
(٢) ما عدا ط، مب، مط: «أسمع» تحريف.
(٣) ب، س: «البطن».
(٤) أراد: «لا تسومن» فأسقط الواو للشعر.
(٥) أي بعشر مثلها. والطرف، بالكسر: الفرس الكريم الطرفين، أي الأبوين. واللحوق: الضامر. والإطل: الخاصرة. والتليع:
الطويل العنق.
(٦) ما عدا ط، مب، مط: «غير البيوع»، تحريف.
(٧) أي يا أخا بغيض، وهم قبيلة قيس بن زهير بن جذيمة. البديع: الأمر المبتدع.