كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر أحيحة بن الجلاح ونسبه وخبره والسبب الذي من أجله قال الشعر

صفحة 38 - الجزء 15

  اشترها يا أبا أيوب⁣(⁣١)، فإنّ البيع مرتخص وغال. فأرسلها مثلا. فقال له قيس: فما تكره من استلامتك إلى بني عامر؟ قال: كيف لا أكره ذلك وخالد بن جعفر الذي يقول:

  إذا ما أردت العزّ في آل يثرب ... فناد بصوت يا أحيحة تمنع⁣(⁣٢)

  رأيت أبا عمرو أحيحة جاره ... يبيت قرير العين غير مروّع

  / ومن يأته من خائف ينس خوفه ... ومن يأته من جائع الجوف⁣(⁣٣) يشبع

  فضائل كانت للجلاح قديمة ... وأكرم بفخر من خصالك الأربع

  فقال قيس: وما عليك بعد ذلك من لوم. فلها عنه ثم عاوده فساومه، فغضب أحيحة وقال له: بت عندي.

  فبات عنده، فلمّا شرب تغنّى أحيحة وقيس يسمع:

  ألا يا قيس لا تسمنّ درعي ... فما مثلي يساوم بالدّروع⁣(⁣٤)

  فلولا خلَّة لأبي جويّ ... وأنّي لست عنها بالنّزوع

  لأبت بمثلها عشر وطرف ... لحوق الإطل جيّاش تليع⁣(⁣٥)

  ولكن سمّ ما أحببت فيها ... فليس بمنكر غبن البيوع⁣(⁣٦)

  فما هبة الدّروع أخا بغيض ... ولا الخيل السّوابق بالبديع⁣(⁣٧)

  و / قال: فأمسك بعد ذلك عن مساومته:

  إسحاق الموصلي وسؤاله حفيد معبد عن غناء جدّه:

  أخبرنا يحيى بن علي بن يحيى قال: حدّثني أخي أحمد بن عليّ عن عافية بن شبيب، قال: حدّثني أبو جعفر الأسدي، عن إسحاق بن إبراهيم الموصلي، وأخبرنا به إسماعيل بن يونس الشيعي إجازة، عن عمر بن شبّة عن إسحاق قال:

  دعاني الفضل بن الربيع يوما فأتيته، فإذا عنده شيخ حجازيّ حسن الوجه والهيئة، فقال لي: أتعرف هذا؟

  قلت: لا. قال: هذا ابن أنيسة بنت معبد، فسله عمّا أحببت من غناء جدّه. فقلت: يا أخا أهل الحجاز، كم غناء جدّك؟ قال: ستّون صوتا. ثم غناني:

  ما أحسن الجيد من مليكة وال ... - لَّبّات إذ زانها ترائبها


(١) ما عدا ط، ح، مب، مط: «ابتزها». والابتزاز: الاستلاب، وليس مرادا هنا.

(٢) ما عدا ط، مب، مط: «أسمع» تحريف.

(٣) ب، س: «البطن».

(٤) أراد: «لا تسومن» فأسقط الواو للشعر.

(٥) أي بعشر مثلها. والطرف، بالكسر: الفرس الكريم الطرفين، أي الأبوين. واللحوق: الضامر. والإطل: الخاصرة. والتليع:

الطويل العنق.

(٦) ما عدا ط، مب، مط: «غير البيوع»، تحريف.

(٧) أي يا أخا بغيض، وهم قبيلة قيس بن زهير بن جذيمة. البديع: الأمر المبتدع.