ذكر خبر سلامة الزرقاء ومحمد بن الأشعث
  أتيت منزل ابن رامين مع رجل من قريش، فأخرج الزرقاء، وسعدة، فقام القرشيّ ليبول وترك مطرفه(١)، فلبسته سعدة وخرجت، فرجع القرشيّ وعليها المطرف قد خاطته فصار درعا(٢)، فقالت: أرأيتم أسرع من هذا؟
  صار المطرف درعا! فقال القرشيّ: هو لك. قال: وعليّ طيلسان مثنّى، فأردت أن أبول فلففته وقمت، فقالت سعدة: دع طيلسانك. فقلت: لا أدعه، أخاف أن يتحوّل مطرفا.
  إهداء ابن المقفع للزرقاء ألف دراجة:
  وحدّثني قبيصة بن معاوية قال: قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي:
  شربت زرقاء ابن رامين دواء فأهدى لها ابن المقفع ألف درّاجة على جمل قراسيّ(٣).
  عشق محمد بن جميل للزرقاء:
  قال هارون: وحدّثني حمّاد عن أبيه:
  أنّ محمد بن جميل كان يتعشّق الزرقاء، وكان أبو جميل يغدو كلّ يوم يسأل من يقدم عن ابنه محمّد، إلى أن مرّ به صديق له يكنى أبا ياسر، فسأله عنه / فقال له أبو ياسر: تركته أعظم النّاس قدرا، يعامل الخليفة كلّ يوم في خراجه، فيحتاج إليه ولده، وصاحب شرطته، وصاحب حرسه، وخدمه. فقال له: يا أخي: فكيف بهذه الجارية التي قد شهر بها؟ فقال له الرجل: لا تهتمّ بها، قد مازحه أمير المؤمنين فيها، وخاطبه بشعر قيل فيه. قال: وما هو؟
  قال:
  وابن جميل فاعلموا عاجلا ... لا بدّ موقوف على مسطبه(٤)
  يوقف في زرقاء مشهورة ... تجيد ضرب العود والعرطبه(٥)
  فقال جميل: واللَّه ما بي من هذا الأمر إلا أنّي أتخوّف أن يكون قد شهر بها هذه الشّهرة ولم ينكها.
  قال هارون: وأحسب هذه القصّة لزرقاء الزّراد(٦)، لا زرقاء ابن رامين.
  تنافس معن وروح وابن المقفع في تقديم الألطاف لها:
  قال هارون: وحدّثني أبو أيوب قال: حدّثني محمد بن سلَّام، قال:
  اجتمع عند ابن رامين معن بن زائدة، وروح بن حاتم، وابن المقفّع، فلما تغنّت الزرقاء وسعدة، بعث معن إليها بدرة(٧) فصبّت بين يديها، فبعث روح إليها أخرى فصبّت بين يديها، ولم يكن عند ابن المقفّع دراهم فبعث فجاء بصكّ ضيعته وقال: هذه عهدة ضيعتي خذيها، فأمّا الدّراهم فما عندي منها شيء.
(١) المطرف بتثليث الميم وفتح الراء: ثوب من خز له أعلام.
(٢) الدرع: القميص.
(٣) الدراجة، كرمانة: واحدة الدراج، وهو ضرب من الطير طيب اللحم. والقراس بضم القاف وفتح الراء: الضخم الشديد من الإبل.
يقال قراسي وقراسية بتخفيف الياء. ح: «فراسي». وما عداها «قراشي» ووجههما ما أثبت من «مب».
(٤) المسطبة، بفتح الميم وكسرها: الدكان يقعد الناس عليها.
(٥) العرطبة، بالفتح والضم: العود، أو الطنبور.
(٦) كذا في أ، مب، مط. وفي سائر النسخ: «الواردة».
(٧) البدرة، بالفتح: كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم، أو سبعة آلاف دينار.