كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر خبر سلامة الزرقاء ومحمد بن الأشعث

صفحة 48 - الجزء 15

  أتيت منزل ابن رامين مع رجل من قريش، فأخرج الزرقاء، وسعدة، فقام القرشيّ ليبول وترك مطرفه⁣(⁣١)، فلبسته سعدة وخرجت، فرجع القرشيّ وعليها المطرف قد خاطته فصار درعا⁣(⁣٢)، فقالت: أرأيتم أسرع من هذا؟

  صار المطرف درعا! فقال القرشيّ: هو لك. قال: وعليّ طيلسان مثنّى، فأردت أن أبول فلففته وقمت، فقالت سعدة: دع طيلسانك. فقلت: لا أدعه، أخاف أن يتحوّل مطرفا.

  إهداء ابن المقفع للزرقاء ألف دراجة:

  وحدّثني قبيصة بن معاوية قال: قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي:

  شربت زرقاء ابن رامين دواء فأهدى لها ابن المقفع ألف درّاجة على جمل قراسيّ⁣(⁣٣).

  عشق محمد بن جميل للزرقاء:

  قال هارون: وحدّثني حمّاد عن أبيه:

  أنّ محمد بن جميل كان يتعشّق الزرقاء، وكان أبو جميل يغدو كلّ يوم يسأل من يقدم عن ابنه محمّد، إلى أن مرّ به صديق له يكنى أبا ياسر، فسأله عنه / فقال له أبو ياسر: تركته أعظم النّاس قدرا، يعامل الخليفة كلّ يوم في خراجه، فيحتاج إليه ولده، وصاحب شرطته، وصاحب حرسه، وخدمه. فقال له: يا أخي: فكيف بهذه الجارية التي قد شهر بها؟ فقال له الرجل: لا تهتمّ بها، قد مازحه أمير المؤمنين فيها، وخاطبه بشعر قيل فيه. قال: وما هو؟

  قال:

  وابن جميل فاعلموا عاجلا ... لا بدّ موقوف على مسطبه⁣(⁣٤)

  يوقف في زرقاء مشهورة ... تجيد ضرب العود والعرطبه⁣(⁣٥)

  فقال جميل: واللَّه ما بي من هذا الأمر إلا أنّي أتخوّف أن يكون قد شهر بها هذه الشّهرة ولم ينكها.

  قال هارون: وأحسب هذه القصّة لزرقاء الزّراد⁣(⁣٦)، لا زرقاء ابن رامين.

  تنافس معن وروح وابن المقفع في تقديم الألطاف لها:

  قال هارون: وحدّثني أبو أيوب قال: حدّثني محمد بن سلَّام، قال:

  اجتمع عند ابن رامين معن بن زائدة، وروح بن حاتم، وابن المقفّع، فلما تغنّت الزرقاء وسعدة، بعث معن إليها بدرة⁣(⁣٧) فصبّت بين يديها، فبعث روح إليها أخرى فصبّت بين يديها، ولم يكن عند ابن المقفّع دراهم فبعث فجاء بصكّ ضيعته وقال: هذه عهدة ضيعتي خذيها، فأمّا الدّراهم فما عندي منها شيء.


(١) المطرف بتثليث الميم وفتح الراء: ثوب من خز له أعلام.

(٢) الدرع: القميص.

(٣) الدراجة، كرمانة: واحدة الدراج، وهو ضرب من الطير طيب اللحم. والقراس بضم القاف وفتح الراء: الضخم الشديد من الإبل.

يقال قراسي وقراسية بتخفيف الياء. ح: «فراسي». وما عداها «قراشي» ووجههما ما أثبت من «مب».

(٤) المسطبة، بفتح الميم وكسرها: الدكان يقعد الناس عليها.

(٥) العرطبة، بالفتح والضم: العود، أو الطنبور.

(٦) كذا في أ، مب، مط. وفي سائر النسخ: «الواردة».

(٧) البدرة، بالفتح: كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم، أو سبعة آلاف دينار.