ذكر خبر سلامة الزرقاء ومحمد بن الأشعث
  صفة الزرقاء وغنائها:
  أخبرني الحسن بن علي قال: حدّثنا فضل اليزيديّ قال: حدّثني إسحاق الموصليّ قال: قال سليمان الخشّاب:
  / دخلت منزل ابن رامين فرأيت الزّرقاء جاريته وهي وصيفة، حين شال نهودها ثوبها عن صدرها، لها شارب كأنّه خطَّ بمسك، يلحظه الطَّرف ويقصر عنه الوصف، وابن الأشعث الكوفيّ يلقي عليها، والغناء له:
  أيّة حال يا ابن رامين ... حال المحبّين المساكين
  تركتهم موتى وما موّتوا ... قد جرّعوا منك الأمرّين
  / وسرت في ركب على طيّة ... ركب تهام ويمانين
  يا راعي الذّود لقد رعتنا ... ويلك من روع المحبّين
  فرّقت جمعا لا يرى مثلهم ... فجّعتهم بالرّبرب العين
  ابن رامين أجل مقين بالكوفة:
  أخبرني الحسن بن علي قال: حدّثني هارون بن محمد الزيات قال: قال أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل: كان ابن رامين مولى الزرقاء أجلّ مقيّن(١) بالكوفة وأكبرهم، ورامين أبوه مولى بشر بن مروان.
  محمد بن الأشعث يلقي على الزرقاء وصواحباتها الغناء:
  قال هارون: فحدّثني سليمان المديني قال: قال حمّاد بن إسحاق قال أبي: قال معاذ بن الطَّبيب:
  أتيت ابن رامين وعنده جواريه: الزّرقاء وصواحباتها، وعندهنّ فتى حسن الوجه نظيف الثّياب، عطر الريح، يلقى عليهنّ، فسألت عنه فقيل لي: هذا محمد بن الأشعث بن فجوة الزّهري. فمضيت به إلى منزلي وسألته المقام ففعل، وأتيته بطعام وشراب وغنّيته أصواتا من غناء أهل الحجاز، فسألني أن ألقيها عليه، فقلت: نعم وكرامة وحبّا، على أن تلقي عليّ أصواتا من صنعتك ألتذّ بها، وأقطع طريقي بروايتها، وأطرف أهل بلدي بها، ففعلت وفعل، فكان مما أخذته عنه من صنعته:
  صوت
  صاح إنّي عاد لي ما ذهبا ... من هوى هاج لقلبي طربا(٢)
  أذكرتني الشّوق سلَّامة أن ... لم أكن قضيت منها أربا
  وإذا ما لام فيها لائم ... زاد في قلبي لحبّي عجبا(٣)
(١) المقين: أراد به صاحب القيان.
(٢) كذا على الصواب في ح، مب، مط. وفي سائر النسخ: «إني عازل» تحريف.
(٣) ح: «زاداني قلبي بحبي».