كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر خبر سلامة الزرقاء ومحمد بن الأشعث

صفحة 51 - الجزء 15

  فاستبدلت وحشا بهم ... والورق تدعو والصّرد⁣(⁣١)

  لحنه هزج. قال: ومنها:

  صوت

  ليت من طيّر نومي ... ردّ في عيني المناما

  أو شفى جسما سقيما ... زاده الهجر سقاما

  نظرت عيني إليها ... نظرة هاجت غراما

  تركت قلبي حزينا ... بهواها مستهاما

  لحنه رمل.

  / قال ابن الطبيب: وأخذت منه مع هذه أصواتا كثيرة، ورأيت النّاس بعد ذلك ينسبونها إلى قدماء المغنّين.

  مصير الزرقاء وربيحة إلى جعفر ومحمد بن سليمان:

  قال هارون: وحدّثني حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال: حدّثني إسماعيل بن جعفر بن سليمان:

  أنّ الزّرقاء صاحبة ابن رامين⁣(⁣٢) صارت إلى أبيه، وكان يقال لها أم عثمان. وأنّ ربيحة جارية ابن رامين صارت إلى محمد بن سليمان، وكانت حظيّة عنده. قال إسماعيل: فأتى سليمان بن علي ابنه جعفرا فأخرج إليه الزّرقاء، فقال لها سليمان: غنّيني. قالت: أيّ شيء تحبّ؟ قال: غنّيني:

  إذا ما أمّ عبد اللَّا ... - هـ لم تحلل بواديه

  ولم تشف سقيما هيّ ... - ج الحزن دواعيه

  فقالت: فديتك، قد ترك الناس هذا منذ زمان. ثم غنّته إياه.

  قال إسماعيل: قد مات سليمان منذ ثلاث وسبعين سنة، وينبغي أن يكون رأى الزرقاء قبل موته بسنتين أو ثلاث. قال: وقالت هي: قد ترك الناس هذا منذ زمان. فهذا من أقدم ما يكون من الغناء.

  أبيات لشراعة في جواري ابن رامين:

  قال هارون: وقال شراعة بن الزّندبوذ:

  قالوا شراعة عنّين فقلت لهم ... اللَّه يعلم أنّي غير عنّين

  فإن أبيتم وقلتم مثل قولهم ... فأقحموني في دار ابن رامين⁣(⁣٣)

  ثم انظروا كيف طعني عند معتركي ... في حر من كنت أرميها وترميني


(١) الورق: جمع ورقاء، وهي الحمامة في لونها بياض إلى سواد. والصرد: طائر أكبر من العصفور.

(٢) صاحبة ابن رامين، من ط، مط فقط.

(٣) أقحمه: ألقاه ورمى به.