كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر تهاجي عبد الرحمن بن حسان وعبد الرحمن بن الحكم

صفحة 81 - الجزء 15

  يوم أنبئت أنّ ساقيّ رضّت ... وأتاكم بذلك الرّكبان

  ثمّ قالوا إنّ ابن عمّك في بل ... - وى أمور أتى بها الحدثان⁣(⁣١)

  فتئطَّ الأرحام والودّ والصّح ... - بة فيما أتى به الحدثان⁣(⁣٢)

  إنما الرمح فاعلمنّ قناة ... أو كبعض العيدان لولا السّنان

  / وهي قصيدة طويلة - فدخل النعمان على معاوية فقال له: يا أمير المؤمنين، إنك أمرت سعيدا أن يضرب ابن حسّان وابن الحكم مائة مائة فلم يفعل، ثم ولَّيت مروان فضرب ابن حسّان ولم يضرب أخاه. قال: فتريد ماذا؟

  قال: أنت تكتب إليه بمثل ما كتبت إلى سعيد. فكتب إلى معاوية يعزم عليه أن يضرب أخاه مائة، وبعث إلى ابن حسّان بحلَّة، فلما قدم الكتاب على مروان بعث إلى ابن حسان: إنّي مخرجك، وإنّما أنا مثل والدك، وما كان ما كان منّي إليك إلا على سبيل التأديب لك. واعتذر إليه، فقال حسان: ما بدا له في هذا إلَّا لشيء قد جاءه. وأبى أن يقبل منه، فأبلغ الرسول ذلك مروان فوجّهه إليه بالحلَّة فرمى بها في الحشّ⁣(⁣٣). فقيل له: حلَّة أمير المؤمنين وترمي بها في الحشّ؟ قال: نعم وما أصنع بها! وجاءه قومه فأخبروه الخبر فقال: قد علمت أنّه لم يفعل ما فعل إلا لأمر قد حدث. فقال الرسول لمروان: ما تصنع بهذا، قد أبى أن يعفو فهلمّ أخاك. فبعث مروان إلى الأنصار وطلب إليهم أن يطلبوا إليه أن يضربه خمسين فإنّه ضعيف. فطلبوا إليه فأجابهم، فأخرجه فضربه خمسين، فلقي ابن حسّان بعض من كان لا يهوى ما ترك من ذلك، فقال له: أضربك مائة ويضربه خمسين، بئس ما صنعت إذ وهبتها له. قال: إنّه عبد وإنّما ضربه ما يضرب العبد نصف ما يضرب الحرّ! فحمل هذا الكلام حتّى شاع بالمدينة وبلغ ابن الحكم فشقّ عليه، فأتى أخاه مروان فخبّره الخبر وقال: فضحتني، لا حاجة لي فيما تركت⁣(⁣٤) فهلمّ فاقتصّ.

  هجاء عبد الرحمن لابن الحكم:

  فضرب ابن الحكم خمسين أخرى، فقال عبد الرحمن يهجو ابن الحكم:

  /

  دع ذا وعدّ قريض شعرك في امرئ ... يهذي وينشد شعره كالفاخر⁣(⁣٥)

  عثمان عمّكم ولستم مثله ... وبنو أميّة منكم كالآمر

  وبنو أبيه سخيفة أحلامهم ... فحش النفوس لدى الجليس الزائر

  / أحياؤهم عار على أمواتهم ... والميّتون مسبّة للغابر⁣(⁣٦)

  هم ينظرون إذا مددت إليهم ... نظر التيّوس إلى شفار الجازر


(١) ما عدا ط، ح، ها، مب: «ابن عمك يلوي من أمور».

(٢) تئط: تحن. ما عدا ح، ط، ها، مب: «وقنيط» محرّف عنه.

(٣) الحش، بتثليث الحاء: أصله البستان وجماعة النخل. وكانوا إذا أرادوا قضاء الحاجة ذهبوا إليها، ثم سمى المتوضأ به، نحو تسميتهم الفناء عذرة.

(٤) هذا الصواب في ط، ها، مب فقط. وفي ح: «فأتى أخاه مروان ابن حسّان لا حاجة لنا فما تركت». وفي سائر النسخ: «فأتى أن مروان بن حسّان فقال له لا حاجة لنا فيما تركت».

(٥) ما عدا ط، ها، مب: «كالفاجر».

(٦) الغابر: الباقي. أي أمواتهم كذلك عار على الأحياء.