أخبار أبي الطفيل ونسبه
  وأحبّه، ضرب ضربة على قرنه الأيمن / فمات، ثم بعث وضرب ضربة على قرنه الأيسر فمات. وفيكم مثله.
  [وكتب إليّ إسماعيل بن محمد المريّ الكوفي يذكر أنّ أبا نعيم حدّثه بذلك عن بسام. وذكر مثله(١)].
  شهادة له بالتقدّم في شعره:
  أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه قال: بلغني أن بشر بن مروان حين كان على العراق قال لأنس بن زنيم: أنشدني أفضل شعر قالته كنانة. فأنشده قصيدة أبي الطَّفيل:
  أيدعونني شيخا وقد عشت برهة ... وهنّ من الأزواج نحوي نوازع
  فقال له بشر: صدقت هذا أشعر شعرائكم. قال: وقال له الحجاج أيضا: أنشدني قول شاعركم: «أيدعونني شيخا» فأنشده إياه(٢) فقال: قاتله اللَّه منافقا، ما أشعره!
  محاورة معاوية لأبي الطفيل:
  حدّثني أحمد بن عيسى العجلي الكوفي، المعروف بابن أبي موسى، قال: حدّثنا الحسين بن نصر بن مزاحم قال: حدّثني أبي قال حدّثني عمرو بن شمر(٣) عن جابر الجعفي قال: سمعت ابن حذيم الناجيّ(٤) يقول:
  لما استقام لمعاوية أمره لم يكن شيء أحبّ إليه من لقاء أبي الطَّفيل عامر بن واثلة، فلم يزل يكاتبه ويلطف له(٥) حتّى أتاه، فلما قدم عليه جعل يسائله عن أمر الجاهلية، ودخل عليه عمرو بن العاص ونفر معه، فقال لهم معاوية: أما تعرفون هذا؟ هذا خليل أبي الحسن. ثم قال: يا أبا الطفيل ما بلغ من حبّك لعليّ؟ قال حبّ أمّ موسى لموسى. قال: فما بلغ من بكائك عليه؟ قال: بكاء العجوز الثّكلى والشّيخ الرقوب(٦)، وإلى اللَّه أشكو التقصير.
  قال معاوية: إنّ أصحابي هؤلاء لو سئلوا عنّي ما قالوا فيّ ما قلت في صاحبك. قالوا: إذا واللَّه ما نقول الباطل. قال لهم معاوية: لا واللَّه ولا الحقّ تقولون. ثم قال معاوية: وهو الذي يقول:
  إلى رجب السّبعين تعترفونني ... مع السيف في حوّاء جمّ عديدها(٧)
  رجوف كمتن الطَّود فيها معاشر ... كغلب السّباع نمرها وأسودها(٨)
  كهول وشبّان وسادات معشر ... على الخيل فرسان قليل صدودها
  / كأنّ شعاع الشّمس تحت لوائها ... إذا طلعت أعشى العيون حديدها
(١) التكملة من ط، ها، مط. لكن في ها: «عن يسار» وقد سبق أنه «بسام الصيرفي».
(٢) هذه الكملة من ط، مط. وفي ها: «فأنشده إياها».
(٣) ما عدا ط، ها، مط: «عمر بن شبة»، وإنما كان نصر بن مزاحم يروي عن «عمرو بن شمر» ويكثر الرواية عنه. انظر وقعة صفين في غير موضع، ولا سيما صفحة ١٨٩ ففيها هذا السند بعينه.
(٤) ويقال: «ابن حذلم» أيضا، وهو تميم بن حذيم الناجي الضبي الكوفي المتوفى سنة ١٠٠. انظر حواشي وقعة صفين ص ١٨٩.
(٥) يلطف له، من اللطف، وهو الرفق والمداناة.
(٦) الرقوب: الذي مات ولده، أو الذي لا يبقى له ولد.
(٧) الحواء: السوداء، عنى بها الكتيبة التي يعلو الصدأ سلاحها.
(٨) رجوف: تضطرب من كثرتها. والغلب: جمع أغلب، وهو الغليظ الرقبة.