أخبار أبي الطفيل ونسبه
  وخلَّفت سهما في الكنانة وحدا ... سيرمى به أو يكسر السهم كاسره(١)
  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال: حدّثنا عمر بن شبّة قال: حدّثني أبو عاصم قال: حدّثني شيخ من بني تيم اللات قال:
  كان أبو الطفيل مع المختار في القصر، فرمى بنفسه قبل أن يؤخذ وقال:
  ولما رأيت الباب قد حيل دونه ... تكسّرت باسم اللَّه فيمن تكسّرا
  أخبرني محمد بن خلف وكيع قال: حدّثنا أحمد بن عبد اللَّه بن شداد النّشّابي قال: حدّثني المفضّل بن غسان قال: حدّثني عيسى بن واضح، عن سليم بن مسلم المكي، عن ابن جريج عن عطاء قال:
  دخل عبد اللَّه بن صفوان على عبد اللَّه بن الزّبير، وهو يومئذ بمكة، فقال: أصبحت كما قال الشاعر(٢):
  فإن تصبك من الأيام جائحة ... لا أبك منك على دنيا ولا دين
  / قال: وما ذاك يا أعرج؟ قال: هذا عبد اللَّه بن عباس يفقّه الناس، وعبيد اللَّه أخوه يطعم الناس، فما بقّيا لك؟ فأحفظه ذلك فأرسل صاحب شرطته عبد اللَّه بن مطيع فقال له: انطلق إلى ابني عباس فقل لهما: أعمدتما إلى راية ترابية(٣) قد وضعها اللَّه فنصبتماها، بدّدا عنّي جمعكما ومن ضوى(٤) إليكما من ضلَّال أهل العراق، وإلَّا فعلت وفعلت! فقال ابن عباس: قل لابن الزبير: يقول لك ابن عباس: ثكلتك أمّك، واللَّه ما يأتينا من النّاس غير رجلين:
  طالب فقه أو طالب فضل، فأيّ هذين تمنع؟ فأنشأ أبو الطفيل عامر بن واثلة يقول:
  قوله الشعر في ذلك:
  لا درّ درّ الليالي كيف تضحكنا ... منها خطوب أعاجيب وتبكينا
  ومثل ما تحدث الأيام من غير ... يا ابن الزبير عن الدنيا يسلَّينا
  كنّا نجيء ابن عباس فيقبسنا ... علما ويكسبنا أجرا ويهدينا
  ولا يزال عبيد اللَّه مترعة ... جفانه مطعما ضيفا ومسكينا
  فالبرّ والدّين والدّنيا بدارهما ... ننال منها الذي نبغي إذا شينا
  إن النبيّ هو النور الذي كشفت ... به عمايات باقينا وماضينا
  / ورهطه عصمة في ديننا ولهم ... فضل علينا وحقّ واجب فينا
  ولست فاعلمه أولى منهم رحما ... يا ابن الزبير ولا أولى به دينا
  ففيم تمنعهم عنّا وتمنعنا ... منهم، وتؤذيهم فينا وتؤذينا
  لن يؤتى اللَّه من أخزى ببغضهم ... في الدين عزّا ولا في الأرض تمكينا(٥)
(١) ما عدا ط، ح، ها، مط: «وخليت».
(٢) هو ذو الإصبع العدواني. وقصيدته مشهورة في «المفضليات».
(٣) منسوبة إلى أبي تراب، وهي كنية علي بن أبي طالب.
(٤) ضوى إليه: أوى وانضم.
(٥) ط: «من أجرى» بالجيم.