أخبار حسان وجبلة بن الأيهم
  والإسلام؟ قال: أبعد الذي قد كان؟ قلت: قد ارتد الأشعث بن قيس.
  ترف جبلة بن الأيهم
  ومنعهم الزكاة وضربهم بالسّيف ثم رجع إلى الإسلام. فتحدّثنا مليّا ثم أومأ إلى غلام على رأسه فولَّي يحضر، فما كان إلَّا هنيهة حتّى أقبلت الأخونة يحملها الرجال فوضعت، وجئ بخوان من ذهب فوضع أمامي فاستعفيت منه، فوضع أمامي خوان خلنج(١) وجامات قوارير(٢)، وأديرت الخمر فاستعفيت منها، فلما فرغنا دعا بكأس من ذهب فشرب به(٣) خمسا عددا. ثم أومأ إلى غلام فولَّي يحضر، فما شعرت إلا بعشر جوار يتكسّرن في الحلي، فقعد خمس عن يمينه وخمس عن شماله، ثم سمعت وسوسة من ورائي، فإذا أنا بعشر أفضل من الأول عليهن الوشي والحلي، فقعد خمس عن يمينه وخمس عن شماله، وأقلبت جارية على رأسها طائر أبيض كأنّه لؤلؤة، مؤدّب، وفي يدها اليمنى جام فيه مسك وعنبر قد خلطا وأنعم سحقهما، وفي اليسرى جام فيه ماء ورد، فألقت الطائر في ماء الورد، فتمعّك بين جناحيه وظهره وبطنه(٤)، ثم أخرجته فألقته في جام المسك والعنبر، فتمعّك فيها حتى لم يدع فيها شيئا، ثم نفّرته فطار فسقط على تاج جبلة، ثم رفرف ونفض ريشه فما بقي عليه شيء إلَّا سقط على رأس جبلة، ثم قال للجواري: أطربنني. فخفقن بعيدانهنّ يغنين:
  /
  للَّه درّ عصابة نادمتهم ... يوما بجلَّق في الزمان الأوّل
  بيض الوجوه كريمة أحسابهم ... شمّ الأنوف من الطَّراز الأوّل
  يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم ... لا يسألون عن السّواد المقبل
  فاستهلّ واستبشر وطرب ثم قال: زدنني. فاندفعن يغنين:
  لمن الدار أقفرت بمعان ... بين شاطي اليرموك فالصّمّان(٥)
  فحمى جاسم فأبنية الصّفّر مغنى قنابل وهجان(٦) فالقريات من بلاس فداريّا فسكَّاء فالقصور الدواني
  ذاك مغنى لآل جفنة في الدّ ... ار وحقّ تعاقب الأزمان
  قد دنا الفصح فالولائد ينظم ... ن سراعا أكلَّة المرجان
  لم يعلَّلن بالمغافير والصّم ... - غ ولا نقف حنظل الشّريان(٧)
  قد أراني هناك حقّا مكينا ... عند ذي التاج مقعدي ومكاني
(١) الخلنج: شجر تتخذ من حشه الأواني ونحوها، فارسي معرب. ما عدا ط، أ، ها: مط: «خليج» محرّف.
(٢) الجام: إناء ذكر اللغويون أنه من الفضة. والقوارير: الزجاج.
(٣) هذا ما في ها. وفي ط، أ، مط: «فيه» وسائر النسخ: «منه».
(٤) تمعك: تمرغ.
(٥) سبق الكلام على البيت وروايته في ص ١٥٤.
(٦) ما عدا ط، أ، مط: «قبائل» وقد مضى تفسير البيت في ص ١٥٥.
(٧) الشريان، بالكسر: موضع.