كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب ابن الزبعري وأخباره وقصة غزوة أحد

صفحة 124 - الجزء 15

  كانت أمّ سمرة تحت مريّ بن سنان بن ثعلبة⁣(⁣١). عمّ أبي سعيد الخدري، وكان ربيبه⁣(⁣٢)، فلما خرج رسول اللَّه إلى أحد وعرض أصحابه فردّ من استصغر، ردّ سمرة بن جندب، وأجاز رافع بن خديج، فقال سمرة لربيبه مريّ بن سنان: أجاز رافعا وردّني وأنا أصرعه! فقال يا رسول اللَّه: رددت ابني وأجزت رافع بن خديج وابني يصرعه؟ فقال النبيّ لرافع وسمرة: اصطرعا. فصرع سمرة رافعا، فأجازه رسول اللَّه ، فشهدها مع المسلمين، وكان دليل النبيّ أبو خيثمة الحارثي.

  رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق

  ومضى رسول اللَّه حتى سلك في حرّة بني حارثة، فذبّ فرس بذنبه فأصاب كلَّاب سيف⁣(⁣٣) فاستّله، فقال رسول اللَّه - وكان يحبّ الفأل ولا يعتاف - لصاحب السيف: «شم سيفك فإنّي أرى السيوف ستستّل اليوم»! ثم قال رسول اللَّه لأصحابه: «من رجل يخرج بنا على القوم من كثب من طريق لا يمرّ بنا عليهم؟»، فقال أبو خيثمة، أخو بني حارثة بن الحارث: أنا يا رسول اللَّه. فقدّمه فنفذ به في حرة بني حارثة وبين أموالهم، حتّى سلك به في مال المربع⁣(⁣٤) بن قيظيّ، وكان رجلا منافقا ضرير البصر، فلما سمع حسّ رسول اللَّه ومن معه من المسلمين قام يحثي التراب في وجوههم ويقول: إن كنت رسول اللَّه فلا أحلّ⁣(⁣٥) لك أن تدخل حائطي. قال: وقد ذكر لي أنّه أخذ حفنة من تراب في يده ثم قال: لو أنّي أعلم أنّي لا أصيب بها غيرك لضربت بها وجهك! فابتدره القوم ليقتلوه، فقال رسول اللَّه : «لا تفعلوا فهذا / الأعمى البصر الأعمى القلب!» وقد بدر إليه سعد بن زيد أخو بني عبد الأشهل حين نهى رسول اللَّه عنه، فضربه بالقوس في رأسه فشجّه، ومضى رسول اللَّه على وجهه حتّى نزل الشعب من أحد في عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد، وقال: لا يقاتلن أحد أحدا حتى نأمره بالقتال. وقد سرّحت قريش الظَّهر والكراع⁣(⁣٦) / في زروع كانت بالصّمعة⁣(⁣٧) من قناة للمسلمين، فقال رجل من المسلمين حين نهى رسول اللَّه عن القتال: أترعى زروع بني قيلة ولمّا نضارب! وتعبّى رسول اللَّه وهو في سبعمائة رجل، وتعبأت قريش وهم ثلاثة آلاف، ومعهم مائتا فارس قد جنبوا خيولهم، فجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد وعلى ميسرتها عكرمة بن أبي جهل، وأمّر رسول اللَّه على الرماة⁣(⁣٨) عبد اللَّه بن جبير⁣(⁣٩) أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا، وقال: انضح عنا الخيل بالنّبل لا يأتونا


(١) مري، بالتصغير، كما في «الإصابة» ٧٩١٢. وفيها «مري بن سنان بن عبيد بن ثعلبة».

(٢) الربيب: ابن امرأة الرجل من غيره، وزوج الأم أيضا.

(٣) في الأصول: «سيفه» والصواب من «السيرة» و «اللسان» (كلب) و «تاريخ الطبري» (٣: ١٣). وكلاب السيف، بوزن رمان: الحلقة أو المسمار الذي في قائم السيف تكون فيه علاقته.

(٤) في «السيرة»: «لمربع».

(٥) ما عدا ط، ح، ها، مط، مب: «فلا يحل».

(٦) الظهر: الإبل. والكراع: الخيل.

(٧) كذا في جميع النسخ بالعين المهملة. وفي «معجم البلدان» و «تاريخ الطبري» (٣: ١٣) بالغين المعجمة. وفي «السيرة»: «بالصبغة».

وفي «الروض الأنف»: «بالسبخة».

(٨) التكملة من ط، مب و «السيرة».

(٩) ط فقط: «عبد اللَّه بن أبي جبير».