نسب ابن الزبعري وأخباره وقصة غزوة أحد
  من خلفنا إن كانت لنا أو علينا، فأثبت بمكانك لا نؤتينّ من قبلك. وظاهر رسول اللَّه ﷺ بين درعين.
  قال محمد بن جرير: فحدّثنا هارون بن إسحاق قال: حدّثنا مصعب بن المقدام قال: حدّثنا أبو إسحاق عن البرّاء قال:
  لما كان يوم أحد ولقي رسول اللَّه ﷺ المشركين أجلس رسول اللَّه ﷺ رجالا بإزاء الرماة، وأمرّ عليهم عبد اللَّه بن جبير وقال لهم: «لا تبرحوا مكانكم وإن رأيتمونا ظهرنا عليهم، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا».
  فلما لقي القوم هزم المشركين، حتّى رأيت النساء قد رفعن عن سوقهن وبدت خلاخيلهنّ فجعلوا يقولون: الغنيمة الغنيمة! فقال عبد اللَّه: مهلا أما علمتم ما عهد إليكم رسول اللَّه ﷺ. فأبوا فانطلقوا، فلما أتوهم صرفت [وجوههم](١) فأصيب من المسلمين سبعون رجلا.
  / قال محمد بن جرير: حدّثني محمد بن سعد قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمي قال: حدّثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قال:
  أقبل أبو سفيان في ثلاث ليال خلون من شوّال حتّى نزل أحدا، وخرج رسول اللَّه ﷺ فأذّن في الناس فاجتمعوا، وأمّر الزبير على الخيل، ومعه يومئذ المقداد الكنديّ، وأعطى رسول اللَّه ﷺ الراية رجلا من قريش يقال له مصعب بن عمير، وخرج حمزة بن عبد المطلب ¥ بالجيش، وبعث حمزة بين يديه. وأقبل خالد بن الوليد على خيل المشركين، ومعه عكرمة بن أبي جهل، فبعث رسول اللَّه ﷺ الزبير، وقال: استقبل خالد بن الوليد فكن بإزائه حتّى أوذنك. وأمر بخيل أخرى فكانوا من جانب آخر، فقال: لا تبرحنّ حتى أوذنكم. وأقبل أبو سفيان يحمل اللَّات والعزى، فأرسل رسول اللَّه ﷺ إلى الزبير أن يحمل، فحمل على خالد بن الوليد فهزمه اللَّه تعالى ومن معه، فقال جلّ وعزّ: {ولَقَدْ صَدَقَكُمُ أللهُ وَعْدَه ُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِه ِ} إلى قوله تبارك اسمه وتعالى: {مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ} وإنّ اللَّه تعالى وعد المؤمنين النّصر وأنّه معهم. وإن رسول اللَّه ﷺ بعث ناسا من الناس فكانوا من ورائهم، فقال رسول اللَّه ﷺ: كونوا / ها هنا، فردّوا وجه من فرّ منّا وكونوا حرسا لنا من قبل ظهورنا. وإنه # لما هزم القوم هو وأصحابه قال الذين كانوا جعلوا من ورائهم بعضهم لبعض - ورأوا النساء مصعدات في الجبل، ورأوا الغنائم -: انطلقوا إلى رسول اللَّه ﷺ وأدركوا الغنائم قبل أن تسبقوا إليها. وقالت طائفة أخرى:
  بل نطيع رسول اللَّه ﷺ فنثبت مكاننا. فقال ابن مسعود: ما شعرت أنّ أحدا من أصحاب رسول اللَّه ﷺ كان يريد الدنيا وعرضها حتّى كان يومئذ.
  / قال محمد بن جرير: حدّثني محمد بن الحسين قال: حدّثنا أحمد بن الفضل قال حدّثنا أسباط عن السّدّي قال:
  لمّا برز رسول اللَّه ﷺ بأحد إلى المشركين أمر الرماة فقاموا بأصل الجبل في وجوه خيل المشركين وقال لهم:
  لا تبرحوا مكانكم إن رأيتم قد هزمناهم، فإنّا لا نزال غالبين ما ثبتّم مكانكم. وأمّر عليهم عبد اللَّه بن جبير أخا خوّات بن جبير. ثم إنّ طلحة بن عثمان صاحب لواء المشركين قام فقال: يا معاشر أصحاب محمد، إنّكم تزعمون أنّ اللَّه ø تعجّلنا بسيوفكم إلى النار، وتعجّلكم بسيوفنا إلى الجنة، فهل منكم أحد يعجّله اللَّه بسيفي إلى
(١) التكملة من ها، مب. وفي الطبري ٣: ١٤: «صرف اللَّه وجوههم».