نسب ابن الزبعري وأخباره وقصة غزوة أحد
  / لمّا قتل(١) أصحاب الألوية يوم أحد - قتلهم علي بن أبي طالب # - أبصر رسول اللَّه ﷺ جماعة من مشركي قريش فقال لعلي: احمل عليهم. فحمل عليّ ففرّق جمعهم، وقتل عمرو بن عبد اللَّه بن الجمحي، ثم أبصر جماعة من مشركي قريش فقال لعلي؛ احمل. فحمل عليّ ففرّق جمعهم، وقتل شيبة بن مالك أحد بني عامر بن لؤي، فقال جبريل #: [يا رسول اللَّه](٢) إنّ هذه للمواساة(٣). فقال رسول اللَّه ﷺ: «هو منّي وأنا منه»، فقال جبريل #: وأنا منكم! قال: فسمعوا صوتا:
  لا سيف إلَّا ذو الفقا ... ر ولا فتى إلَّا علي
  فلما أتي المسلمون من خلفهم انكشفوا، وأصاب منهم المشركون، وكان المسلمون لمّا أصابهم ما أصابهم من البلاء أثلاثا: ثلث قتيل، وثلث جريح، وثلث منهزم وقد جهدته الحرب حتّى ما يدري ما يصنع. وأصيبت رباعية(٤) رسول اللَّه ﷺ السّفلى، وشقّت شفته، وكلم في وجنته وجبهته في أصول شعره، وعلاه ابن قمئة بالسّيف على شقّه الأيمن، وكان الذي أصابه عتبة بن أبي وقّاص.
  قال محمد بن جرير: وحدّثنا ابن يسار(٥) قال حدّثنا ابن أبي عديّ عن حميد عن أنس بن مالك قال:
  لما كان يوم أحد كسرت رباعية رسول اللَّه ﷺ وشجّ، فجعل الدم يسيل على وجهه، وجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول: «كيف يفلح قوم / خضبوا وجه نبيّهم بالدم، وهو يدعوهم إلى اللَّه تعالى!». فأنزل اللَّه ø:
  {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ}. الآية. وقد قال رسول اللَّه ﷺ حين غشيه القوم: «من رجل يشري لي نفسه؟».
  دفاع الصحابة عن الرسول الكريم:
  قال محمد: فحدّثني ابن حميد قال حدّثنا سلمة قال حدّثني محمد بن إسحاق قال: حدّثني الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن محمود بن عمرو بن يزيد بن السّكن [قال: فقام زياد بن السّكن](٦) في نفر خمسة من الأنصار - وبعض الناس يقول: إنّما هو عمارة بن زياد بن السكن - فقاتلوا دون رسول اللَّه ﷺ رجلا ثم رجلا، يقتلون دونه حتّى كان آخرهم زياد بن عمارة(٧) بن زياد بن السكن، فقاتل حتّى أثبتته الجراحة، ثم فاءت من المسلمين فئة حتّى أجهضوهم عنه، فقال رسول اللَّه ﷺ: أدنوه منّي. فأدنوه منه فوسّده قدمه، فمات وخدّه على قدم رسول اللَّه ﷺ. وترّس من دون النبيّ ﷺ أبو دجانة بنفسه، يقع النّبل في ظهره وهو منحن عليه حتّى كثرت فيه النّبل. ورمى سعد / بن أبي وقاص دون رسول اللَّه ﷺ. قال سعد: فلقد رأيته يناولني ويقول: فداك أبي وأمّي، حتّى إنّه ليناولني السهم ما فيه نصل فيقول: ارم به!
(١) ما عدا ط، مط، مب: «لما ولى» وفي ها والطبري (٣: ١٧): «لما قتل علي بن أبي طالب أصحاب الألوية».
(٢) التكملة من مب.
(٣) هذا ما في ط، مط، مب. وفي ها: «إن هذا للمواساة». وفي سائر النسخ: «إن هذه المواساة».
(٤) الرباعية: السن التي بين الثنية والناب.
(٥) ط، ها، مب: «ابن بشار». مط: «أبو يسار».
(٦) هذا الإكمال من ها و «تاريخ الطبري» (٣: ١٨).
(٧) في الطبري: «زياد أو عمارة».