كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب ابن الزبعري وأخباره وقصة غزوة أحد

صفحة 131 - الجزء 15

  خرجت هند والنسوة اللواتي معها يمثلن بالقتلى⁣(⁣١) من أصحاب رسول اللَّه يجدعن الآذان والآنف، حتّى اتخذت هند من آذان الرجال وآنفهم خدما وقلائد⁣(⁣٢)، وأعطت خدمها وقلائدها وقرطها وحشيا غلام جبير بن مطعم، وبقرت عن كبد⁣(⁣٣) حمزة #، فأخرجت كبده فلاكتها، فلم تستطع أن تسيغها / فلفظتها، ثم علت على صخرة [مشرفة]⁣(⁣٤) فصاحت بأعلى صوتها بما قالت من الشعر حين ظفروا بما أصابوا من أصحاب رسول اللَّه .

  هجاء حسان لهند:

  قال: حدّثني صالح بن كيسان أنّه حدّث أنّ عمر بن الخطاب رضوان اللَّه عليه قال لحسّان: يا ابن الفريعة، لو سمعت ما تقژل هند ورأيت أشرها قائمة على صخرة ترتجز بنا / وتذكر ما صنعت بحمزة؟ قال له حسان: واللَّه إنّي لأنظر إلى الحربة تهوي وإنّي على رأس فارع - يعني أطمه - فقلت: واللَّه، إنّ هذه لسلاح ما هي بسلاح العرب، وكأنّها إنّما تهوي [إلى حمزة]⁣(⁣٥) ولا أدري، أسمعني بعض قولها أكفكموها. قال: فأنشده عمر بعض ما قالت، فقال حسان يهجو هندا:

  أشرت لكاع وكان عادتها ... لؤما إذا أشرت من الكفر⁣(⁣٦)

  لعن الإله وزوجها معها ... هند الهنود طويلة البظر⁣(⁣٧)

  أخرجت مرقصة إلى أحد ... في القوم مقتبة غلى بكر⁣(⁣٨)

  [بكر ثفال لا حراك به ... لا عن معاتبة ولا زجر]⁣(⁣٩)

  وعصاك استك تتّقين بها ... دقّي العجاية منك بالفهر⁣(⁣١٠)

  / قرحت عجيزتها ومشرجها ... من دأبها نصا على القتر⁣(⁣١١)

  ظلَّت تداويها زميلتها ... بالماء تنضحه وبالسّدر

  أخرجت ثائرة مبادرة ... بأبيك فاتك يوم ذي بدر⁣(⁣١٢)


(١) في بعض النسخ: «تمتاز القتلى». ولم ترد «امتاز» متعدية، وإنما هي مطاوعة. والصواب ما أثبت من ها و «الطبري».

(٢) الخدم: جمع خدمة بالتحريك، وهي الخلخال.

(٣) هذه الصواب من ط، مط، مب والطبري. وفي سائر النسخ: «عن بطن».

(٤) هذه من ط، ها، مط، مب والطبري.

(٥) التمكلة من «تاريخ الطبري» (٣: ٢٣) والسيرة ٥٨٢.

(٦) لكاع، كنى بها عن هند. وامرأة لكاع كقطام: لئيمة. في الطبري و «الديوان» ٢٢٩: «مع الكفر».

(٧) البظر: الهنة بين شفري المرأة. الطبري: «عظيمة البظر».

(٨) الإرقاص: أن يحمل البعير على الخبب.

(٩) البيت من ط، مط، مب «والطبري» و «الديوان». والثفال، كسحاب: البطيء من الإبل. مب «ثقال» تحريف.

(١٠) يقال عصاه استه، أي ليس معه عصا فهو يحرّك استه على المطيّة حتى تسير. انظر «مجالس ثعلب» ٣٨٠ و «البيان» (٣: ٧٧). دقي العجاية، هي على هذا الصواب في ها، وفي الطبري: «دق العجاية هند بالفهر»، وفي «الديوان»: «دق العجاية عاري الفهر».

وفي سائر النسخ «دقي عجانك منك» تحريف. وأنشدوا لمزرد بن ضرار:

فجاء على بكر ثفال يكده ... عصاه استه وجي العجاية بالفهر

(١١) ط، ح، ها، مط، مب: «عجينتها» تحريف، صوابه في سائر النسخ والطبري و «الديوان». والنص: ضرب من السير السريع.

والقتر، بالضم: الناحية والجانب. وفي «الديوان»: «من نصها نصا على القهر».

(١٢) الطبري و «الديوان»: «بأبيك وابنك»، وهو الصواب. و «ذو» تزاد كثيرا في كلامهم.