كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر عمرو بن معديكرب وأخباره

صفحة 142 - الجزء 15

  كتاب عمر إلى سعد وتقديره لعمرو بن معديكرب:

  أخبرني أبو خليفة قال حدّثنا أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبة قال حدّثنا أحمد بن جناب⁣(⁣١) عن عيسى بن يونس، عن إسماعيل⁣(⁣٢)، عن قيس⁣(⁣٣): أن عمر ¥ كتب إلى سعد بن أبي وقّاص:

  إنّي قد أمددتك بألفي رجل عمرو بن معديكرب، وطليحة بن خويلد - وهو طليحة الأسدي - فشاورهما في الحرب ولا تولَّهما شيئا.

  شجاعة عمرو وتحضيضه على القتال:

  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبّة قال: حدّثنا أحمد بن جناب قال حدّثنا عيسى بن يونس، عن إسماعيل، عن قيس قال:

  شهدت القادسية وكان سعد على الناس، فجاء رستم فجعل يمرّ بنا وعمرو بن معديكرب الزبيدي يمرّ على الصفوف يحضّ الناس ويقول: يا معشر المهاجرين، كونوا أسدا أغنى شأنه⁣(⁣٤)، فإنّما الفارسيّ تيس بعد أن يلقي نيزكه⁣(⁣٥).

  / قال: وكان مع رستم أسوار لا تسقط له نشّابة. فقال له: يا أبا ثور، اتّق ذاك! فإنا لنقول له ذلك إذ رماه رمية فأصاب فرسه، / وحمل عليه عمرو فاعتنقه ثم ذبحه، وسلبه سواري ذهب كانا عليه، وقباء ديباج.

  قال أبو زيد⁣(⁣٦): فذكر أبو عبيدة أنّ عمرا حمل يومئذ على رجل فقتله ثم صاح: يا معشر بني زبيد، دونكم فإنّ القوم يموتون!

  شجاعته في حرب القادسية:

  وقال علي بن محمد المدائني: وأخبرنا محمد بن الفضل وعبد ربّه بن نافع، عن إسماعيل عن قيس بن أبي حازم قال:

  حضر عمرو الناس وهم يقاتلون، فرماه رجل من العجم بنشّابة فوقعت في كتفه، وكانت عليه درع حصينة فلم تنفذ، وحمل على العلج فعانقه فسقطا إلى الأرض، فقتله عمرو وسلبه، ورجع بسلبه وهو يقول:

  أنا أبو ثور وسيفي ذو النّون ... أضربهم ضرب غلام مجنون

  يال زبيد إنّهم يموتون


(١) ترجم له في «تهذيب التهذيب» وقال: «روي عن عيسى بن يونس». ما عدا ط، ح: «حباب» محرّف.

(٢) هو إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي. روى عن قيس بن أبي حازم وأكثر في الرواية عنه، كما في «تهذيب التهذيب».

(٣) هو قيس بن أبي حازم الأحمسي، ترجم له في «تهذيب التهذيب».

(٤) أغنى شأنه: كفى نفسه، لم يستعن بشيء. قال الملتمس:

أغنيت شأني فأغنوا اليوم شأنكم ... واستحمقوا في مراس الحرب أو كيسوا

(٥) النيزك: الرمح القصير، فارسي معرّب. والرمح بالفارسية «نيزه» بكسر النون. وفي «اللسان» أن النيزك «حقيقته تصغير الرمح بالفارسية». والكاف تستعمل للتصغير في الفارسية: فكلمة «مرد». بمعنى رجل، تصغر على «مردك» أي رجيل. ح: «ببركة» أ، مط، مب «بيزكه» بالإهمال، والصواب في ط، ها.

(٦) أبو زيد: كنية عمر بن شبة.