ذكر عمرو بن معديكرب وأخباره
  ينزع يده، حتّى إذا بلغ منه قال: يا ابن أخي، مالك؟ / قال: يدي تحت ساقك! فخلَّى عنه، وقال: يا ابن أخي، إنّ في عمك لبقيّة!.
  شهرته بالكذب
  وكان عمرو مع ما ذكرنا من محلَّه مشهورا بالكذب:
  أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال: حدّثنا محمد بن يزيد النحوي المبرّد ولم يتجاوزه. وذكر ابن النطاح هذا الخبر بعينه عن محمد بن سلام، وخبر المبرد أتمّ قال:
  / كانت الأشراف بالكوفة يخرجون إلى ظاهرها يتناشدون الأشعار، ويتحدثون ويتذاكرون أيام الناس، فوقف عمرو إلى جانب خالد بن الصّقعب النهديّ، فأقبل عليه يحدّثه ويقول: أغرت على بني نهد فخرجوا إليّ مسترعفين(١) بخالد بن الصّقعب يقدمهم، فطعنته طعنة فوقع، وضربته بالصمصامة حتّى فاضت نفسه(٢)! فقال له الرجل: يا أبا ثور إنّ مقتولك الذي تحدّثه. فقال: اللهم غفرا إنّما أنت محدّث(٣) فاسمع، إنّما نتحدث بمثل هذا وأشباهه لنرهب هذه المعدّيّة.
  قال محمد بن سلام: وقال يونس: أبت العرب إلَّا أنّ عمرا كان يكذب. قال: وقلت لخلف الأحمر وكان مولى الأشعريين، وكان يتعصّب لليمانية، أكان عمرو يكذب؟ قال: كان يكذب باللَّسان، ويصدق بالفعال.
  هو وسعد يتقارضان الثناء
  أخبرني إبراهيم بن أيوب عن ابن قتيبة(٤):
  أنّ سعدا كتب إلى عمر ¥ يثني على عمرو بن معد يكرب، فسأله عمر عن سعد فقال: «هو لنا كالأب أعرابيّ في نمرته(٥)، أسد في تامورته(٦)، يقسم بالسويّة، ويعدل في القضية، وينفر في السريّة، وينقل إلينا حقّنا كما تنقل الذرة» فقال عمر رضوان اللَّه عليه: لشدّ ما تقارضتما الثناء(٧).
  ثناء سعد عليه
  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا الحارث عن ابن سعد عن الواقدي عن بكير بن مسمار(٨) عن زياد مولى سعد قال:
  / سمعت سعدا يقول وبلغه أنّ عمرو بن معد يكرب وقع في الخمر، وأنّه قد دلَّه. فقال: لقد كان له موطن
(١) الاسترعاف: السق والتقدم.
(٢) ج، أ، ها، مب: «فاظت نفسه» بالظاء، وهما بمعنى، أي خرجت. وعن بعض اللغويين أنه لا يقال فاظت نفسه، وإنما يقال فاظ، بدون ذكر النفس، فإذا ذكرت النفس قيل فاضت بالضاد.
(٣) المحدث: الملهم ما يقول.
(٤) الخبر التالي في «الشعر والشعراء» ٣٣٣.
(٥) النمرة: شملة فيها خطوط بيض وسود، أو بردة من صوف تلبسها الأعراب.
(٦) التامورة: عرين الأسد.
(٧) ما عدا ط، ها، مط، مب: «الشهادة» وما في ط يطابق «الشعر والشعراء» و «البيان» (٢: ٦٨).
(٨) س: «يسار» «تحريف». ولبكير بن مسمار ترجمة في «تهذيب التهذيب».